المجزرة المأساوية التي ارتكبها مجرم إرهابي متطرف في مسجد في نيوزيلندا وراح ضحيتها عشرات المصلين المسلمين قرعت جرس تحذير ظلت المملكة العربية السعودية تقرعه منذ عقود بأن الإرهاب لا دين له ولا وطن؛ بل هو جريمة نكراء ترفضها كل الديانات وتدينها كل القيم الإنسانية. وعندما تفشت موجة الإسلاموفوبيا في الغرب وأصبح الإرهاب بطاقة تلصق بالمسلمين دون تمييز كانت المملكة تدافع عن الأمة الإسلامية وعقيدتها التي تدعو لكل القيم النبيلة والأخلاق الفاضلة، وتجعل قتل النفس أكبر الجرائم. وظلت المملكة تحذر في كل المنابر والمحافل من خطورة نشر ثقافة الكراهية ضد الإسلام والمسلمين، وابتدرت قيادتها حوار الحضارات وقدمت من منبر الأممالمتحدة مبادرتها لنشر ثقافة السلام والتعايش وحوار الحضارات، ورعت المملكة مؤتمرات ومناشط عديدة لتحقيق هذه الغاية النبيلة. وحذرت المملكة مراراً من أن التطرف والتشدد ونشر ثقافة الكراهية ستؤدي إلى حروب دينية تدمر الحضارة الإنسانية كلها. وخلال العقود الماضية كانت للمملكة الريادة في مكافحة الإرهاب، وتعاونت مع كل دول العالم في جهود مكافحة هذه الآفة الخطيرة، ودانت القيادة السعودية على الدوام كل عمل إرهابي وقع في أي مكان في العالم انطلاقاً من قناعتها أن الإرهاب خطر على الإنسانية جمعاء.. وعندما وقع حادث نيوزيلندا الأليم كانت المملكة أولى الدول التي دانت هذا العمل الإجرامي بأشد العبارات، فقد وصف خادم الحرمين الشريفين العمل الإرهابي أنه مجزرة وأكد على موقف المملكة الثابت في محاربة الإرهاب بكل صوره وأشكاله حتى اجتثاثه من جذوره، وأكد -حفظه الله- على تمسك المملكة بمواقفها المبدئية الرافضة للفكر المتطرف، والحرص على لم الشمل الإسلامي، وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم أجمع. وما زالت المملكة تواصل بخطوات حازمة جهودها الجبارة في مكافحة الإرهاب والتطرف والتمييز الديني والعنصري بمختلف أشكاله وصوره، محلياً وإقليمياً ودولياً، وأسهمت هذه الجهود بشكل كبير في التصدي بفعالية للفكر المتطرف الإرهابي وفق الأنظمة الدولية، وطالما دعت المملكة المجتمع الدولي إلى التعاون جميعاً للقضاء على الإرهاب، ولطالما كانت المملكة رائدة في فكرة حوار الأديان وتطبيقها على أرض الواقع، فإنها تهدف من حوار الأديان إلى التعاون البنّاء والإيجابي انطلاقاً من القيم الإنسانية الفاضلة الداعية للتسامح والسلام والاعتدال على مستوى الفرد، وكذلك المؤسسات والهيئات الدينية. ويعدّ مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات والذي تأسس عام 2012م، منبراً فاعلاً لتعزيز ثقافة الحوار والتعاون لتحقيق القبول للآخر مهما اختلفت ديانته أو مذهبه أو أفكاره، حيث يعمل على معالجة التحديات المعاصرة التي تواجه المجتمعات، بما في ذلك التصدي لممارسة الاضطهاد والعنف والصراع باسم الدين وتعزيز ثقافة الحوار والتعايش والاحترام المتبادل للثقافات والحضارات. ويعيش المجتمع السعودي اليوم ولله الحمد نقلة فكرية تكاد تخلو من النزاعات المتطرفة العنصرية، ويعود ذلك لدعم القيادة الرشيدة السلام والاعتدال ومحاربتها الفكر المتطرف والمنحرف. رحم الله المتوفين وشافى الجرحى وأدام نعمة الأمن والأمان في كل أرجاء العالم.