يعتبر فن الأنمي عبر تاريخه الممتد نحو 120 عاما أحد أكبر مصادر الدخل والسياحة اليابانية، وتصدر في كثير من الأحيان عناوين الأخبار العالمية، لما أنتجه مبدعوه من أعمال نافست أعمال هوليوود. هذا الفن استثمره اليابانيون بأفكارهم الإبداعية كثيرا لتطوير مجتمعهم في شتى المجالات، فمن منّا لا يذكر «الكابتن ماجد»، الذي اعتبر وقتها ترفيها عابرا للأطفال، في حين كان مصدر إلهام لنجوم رياضيين كثر في لعبة كرة القدم حول العالم، ومن منا لا يتذكر «مغامرات نيلز»، الذي استخدم لاحقا مرجعا علميا ترفيهيا لمعالم جغرافية، وغير ذلك من شواهد لا يسع المجال لذكرها، أعطت إسهامات كثيرة، وأحدثت تغيرا إيجابيا لدى كثيرين. وقد فرض هذا الفن نفسه حتى أصبح استثماراً تتنافس عليه الشركات العالمية؛ لما يحمله من فرص جبارة من الناحيتين الفنية والاستثمارية، وخلق فرص عمل كثيرة، ليس في اليابان فقط، بل في العالم أجمع، وصولاً إلى الشرق الأوسط، وأنا أتحدث هنا عن منطقة الخليج خصوصا، رغم أن هناك إشكالية فرضتها بعض شركات الإنتاج والدبلجة العربية التي رسخت مفهوما خاطئا عن هذا الفن بأنه موجه فقط للأطفال، وهي معضلة أدت إلى تردد كثيرين في إظهار عشقهم لفن الأنمي، كما أن كثيرا ممن لا يعجبهم هذا الفن قاموا بتحوير الصورة النمطية هذه، واستغلال بعض أعمال الأنمي التي تكون موجهة في الأساس إلى فئة سنية كبيرة بأن هذا الفن غير مناسب للمجتمع، ويدمر الأطفال، متجاهلين أن فن الأنمي يتحف بتصنيفات مختلقة ومتعددة، مثله مثل الأفلام السينمائية وألعاب الفيديو، وأيضا تفند الإحصاءات ذلك، فبحسب إحصائية مشاهدي قنوات «يوتيوب» الخاصة بالأنمي، فإن أعمار المتابعين تتراوح ما بين 9 و45 عاما، والأغلبية هي لمن هم فوق 20 عاما، الأمر الذي خلق دافعاً لكثير من مثقفي فن الأنمي إلى أن ينطلقوا في دعمه وإظهاره للعلن، من خلال جميع المنصات المتاحة مثل «يوتيوب». لقد أثبتت التجارب وجود سوق أنمي كبير جدا في المنطقة غير مستغل، وذواقه مميزون وفنانون محليون يجارون فنانين أجانب. بلادنا فيها مواهب عديدة، ولعلها فرصة أن يتم الاهتمام بهذه الشريحة من مجتمع الأنمي الكبير، فلعل هيئة الترفيه ممثلة في رئيسها الديناميكي المستشار تركي آل شيخ، الذي يقوم بجهود جبّارة لصناعة الترفيه في المملكة، بوضع مجتمع الأنمي في استراتيجية الترفيه، من خلال إقامة فعاليات الأنمي المختلفة، كالمعارض وغيرها، وذلك بدعم الهيئة ومعالي المستشار، فجماهير هذا الفن ومبدعوه متعطشون لذلك.