من يطلع على البيانات التي تنشرها هيئة تطوير مدينة الرياض -على سبيل المثال- عن نسبة استعمالات الأراضي في العاصمة الرياض، سيفاجأ بالمساحة الهائلة التي تقتطعها شبكة الطرق والشوارع من مساحة الأراضي التي تم تطويرها في المدينة، فهي في الواقع المساحة الأكبر عند مقارنتها بمساحة الاستعمالات الوظيفية الأخري، حيث تصل نسبتها إلى نحو (34 %) من إجمالي مساحة استعمالات الأراضي المتعددة في الرياض، في حين لا تتجاوز مساحة الاستعمالات السكنية، التي من المفترض أنها جوهر الاستخدامات في المدينة لا تزيد نسبتها على (19 %)، مما يعني بعبارة أخرى أن كل متر من مساحة الأراضي السكنية في مدينة الرياض، يقابله في الجانب الآخر ما يكاد يصل إلى ضعف ذلك من مساحة الطرق والشوارع، الأمر الذي يوضح بجلاء أننا نمنح لسياراتنا ومركباتنا مساحة من الأراضي، يفوق ما نوفره لاحتياجاتنا السكنية، هذا بخلاف ما نتيحه للاستخدمات الأخرى، سواء كانت إنتاجية أو خدمية، ولا أعتقد أن هذه الحال تقتصر على مدينة الرياض فقط، بل أخاله يشمل بقية مدننا الأخرى. ما يبعث على التفاؤل، هو أن العاصمة الرياض على أعتاب اكتمال مشروع النقل العام بالقطارات والحافلات بإذنه تعالى، فقد بدأت تدب في بعض شرارين الحركة بالرياض حافلات النقل الجماعي، تمهيداً لمرحلة ستتنوع فيها أنماط التنقل في المدينة عبر شبكة قطار الرياض، وشبكة الحافلات الرافد الرئيس لشبكة القطارات، اللتين ستعملان معاً على نحو متكامل للحد من الإسراف في استخدام المركبات الخاصة، التي يتجاوز عددها المليون سيارة، والتقليل من أثرها على حجم الحركة المرورية بشبكة الطرق في المدينة، من ازدحام، واستهلاك للوقود، وانبعاث مكثف لعوادم السيارات الملوثة للجو. ما نتمناه هو أن تعيد شبكة النقل العام في مدينة الرياض النظر فيما تقتطعه مسارات حركة للسيارات على الطرق والشوارع من مساحة في المدينة، وأن يعاد تصميم هذه الطرق والشوارع، وبالذات ما يعتبر منها محاور لشبكة النقل العام، على نحو يعطي حيزاً أرحب وأكثر انسيابية لحركة المشاة، وإيجاد ساحات عامة على جانبي الطرق، مزدانة بالتأثيث المناسب، من تشجير وإضاءة وأماكن جلوس ودورات مياه عامة، وتحديد مسارات للدراجات الهوائية لا تتداخل مع مسارات المشاة، إضافة إلى إعادة تنظيم مواقف السيارات على جانبي الطريق، على نحو لا يعيق حركة مساراته، فهل ستحظى طرق وشوارع مدينة الرياض مستقبلاً بهذه العناية..؟