انتقد مدير تحرير القسم الرياضي بصحيفة «اليوم» عيسى الجوكم الإعلام الرياضي السعودي، مؤكداً بأن الحابل اختلط بالنابل، وأن الإعلامي الناجح في هذا الزمن «راسب»، ومن امتلأت شهادته بالدوائر الحمراء هو المتفوق مع مرتبة الشرف، وطالب الجوكم اتحاد القدم بإبقاء المدرب الأرجنتيني بيتزي على رأس الهرم التدريبي لمنتخبنا في المرحلة المقبلة، واصفاً قرار استمرار المنافسات المحلية خلال كأس آسيا ب»الكارثي». جاء ذلك في حواره مع «دنيا الرياضة»: *خرج منتخبنا من كأس آسيا باكراً، كيف تصف المشهد؟ * المشهد أصبح مألوفاً، ولكن هذه المرة علينا أن نقيم بموضوعية وحياد، خرجنا أمام اليابان أكثر المنتخبات الآسيوية ثباتاً في المستويات، وأكثرها أيضاً خططاً مدروسة وإستراتيجيات منظمة وعقولاً مفكرة ونجوماً واعدة، ومع ذلك لأول مرة أرى أصحاب العيون الضيقة يلعبون في ملعبهم بل منتصف ملعبهم أمام الأخضر، والبعض في هذا الجانب أدلى بدلوه قائلاً: «استحواذ سلبي» مصطلح جديد أو ربما قديم، والحقيقة المرة هي أن الكرة السعودية التي يوجد بها 170 نادياً لم تنجح حتى الآن في تفريخ مهاجم هداف على شاكلة ماجد وسامي وأبو رشيد والمهلل وياسر القحطاني وناصر الشمراني والسهلاوي قبل تراجع مستوياتهما، وإذا عجز المنتج المحلي أعني الأندية في تقديم هداف وليس مهاجماً، فليس هناك لوم على المدرب بيتزي أن يلعب بنفس الطريقة التي لعب بها أمام اليابان، علما أنه كان بالإمكان التسجيل أمام اليابان لو استغلت بعض الفرص، أراها مشاركة جيدة نوعاً ما، فيها من الإيجابيات التي من الممكن البناء عليها في المستقبل، دون أن نكرر الأسطوانة المشروخة بأن السبب المدرب، والمنظومة ككل عاجزة عن إيجاد مهاجم. اتحاد القدم بلا خبرة.. وقضية نقل المباراة زعزعت الثقة * كيف تقيم ردة فعل الإعلام بعد خسارة اليابان وتوديع البطولة؟ بصراحة الإعلام هذه المرة مشغول محلياً، بدليل أن جل ما كتب وما قيل في يوم الخروج من اليابان عبر وسائل الإعلام المختلفة هي عن مباريات الدوري في ذلك اليوم، وهذه حقيقة مرة تسبب بها اتحاد الكرة بقرار استمرار الدوري إبان البطولة القارية وهي محطة غربية على الرياضة السعودية قسمت الشارع الرياضي وجعلت كأس آسيا آخر اهتماماته، لذلك جاءت ردة الفعل باهتة وغير غاضبة أو حتى مهتمة. * هل يتحمل الإعلام مسؤولية ماحدث لمنتخبنا؟ * الإعلام قبل البطولة تفرغ لمؤيد ومعارض لاستمرار الدوري من عدمه، وهذا المشهد كان حاداً للغاية حتى أن البعض نسى البطولة وكانت أم القضايا في أجندته استمرار الدوري، وللأسف هذا السيناريو انعكس على الشارع الرياضي، ولكنني أرى ذلك ردة فعل لقرار اتحاد الكرة وليس فعلاً حتى نحمل الإعلام المسؤولية فيما حدث، ولكن كان بالإمكان أفضل مما كان إعلامياً، لأن المتابع شعر أن الجمهور هو من يقود الإعلام في هذا المشهد وليس العكس. *لماذا لم يعد منتخبنا كالسابق في كأس آسيا، وأصبح يودع البطولة في الأدوار الأولى؟ الاتحادات والمنتخبات الأخرى تعمل وتتقدم، ولا تعتمد على التاريخ والماضي، ورغم أن الكرة السعودية تملك دورياً قوياً تكتمل فيه أدوات النجاح من شعب يعشق كرة القدم وجماهير متحمسة ومتابعه لأنديتها، إلا أننا نفتقد للاستراتيجيات الواضحة والمستمرة، بدليل أن كل اتحاد جديد يمسح أو يهدم ما بناه الاتحاد السابق - إذا كان هناك بناء - ويبدأ العمل من جديد، حتى على مستوى متابعة النجوم الصاعدين وعلى سبيل المثال النجوم الذين يتألقون مع المنتخبات السنية ويصلون لكأس العالم، لا نرى منهم إلا النزر القليل مع أنديتهم في المستقبل، هذه الفوضى لا تَخَلق منتخباً قوياً، وتشعرك بالعشوائية، وحتى تكون إجابتي غير إنشائية سأقدم مثالاً حيّاً رغم فارق الإمكانات ولكن يوضح لنا حقيقة العمل المدروس، منتخب فيتنام الذي شاهدناه في كأس آسيا بالإمارات، هذا المنتخب تأهل لنهائيات كأس العالم للشباب، ووصل لنهائي دورة الألعاب الآسيوية لكرة القدم، ورغم قلة خبرته ظهر بالمنتخب القوي في هذه البطولة نوعاً ما، ما قصدته أن المنتخبات الآسيوية حتى لو كانت إمكاناتها ضعيفة إلا أنها تملك إستراتيجية واضحة تجعلها تتقدم في كرة القدم، على عكس كرة القدم السعودية التي يزخر تاريخها بالإنجازات وتمتلك الإمكانات، إلا أن الخطط غائبة تماما عن المشهد. * كيف يستعيد منتخبنا هيبته ويعود أقوى من قبل ويحصد الذهب؟ * في الماضي كان هناك احتراف بدون محترفين، وإستراتيجية بدون منظرين، وأفعال بدون أقوال، والأمثلة كثيرة أتذكر واحدة منها أن مباريات مدرسة ماجد عبدالله وصالح النعيمة كان جمهور الرياض يتحدث عنها بكل شغف، أي أن للمدارس في ذلك الوقت دوراً في اكتشاف المواهب، وللعلم قبل شهر تقريباً كان نهائي مدارس اليابان في ملعب كبير حضره 55 ألف متفرج، ولَك أن تتصور كيف سيكون شعور النشء في هذا المشهد المهيب، وللعلم أيضاً رئيس الاتحاد الياباني في حوار مطول مع صحيفة الاتحاد الإماراتية قال «معظم لاعبينا في هذه البطولة تم اكتشافهم من المدارس» أعود للكرة السعودية، وأكرر أن الكرة السعودية حققت المجد لها بالاهتمام بالمدارس والفئات السنية وتفريخ المواهب حتى في أندية الظل «شايع النفسية وبندر الجار الله وحمزة أدريس» وغيرهم لم يكونوا في بداية المشوار في أندية جماهيرية كبيرة، واليوم كل تلك المميزات مفقودة، لنعود لها لتحيا المواهب والإنجازات من جديد، مع الأخذ في تطور العصر بوجود الأكاديميات والاحتراف الخارجي وهي أمور مهمة لعودة الكرة السعودية لمجدها السابق. * لو كنت مسؤولاً في اتحاد القدم، ما أول قرار ستتخذه بعد الخروج من كأس آسيا؟ * استمرار بيتزي، كسر أسطوانة الماضي بأن يكون المدرب كبش الفداء، وضع أهداف واضحة لما ينبغي تحقيقه، ترك المنتخب للمختصين والتفرغ لتطوير المنافسات المحلية، دراسة ضعف البنية الجسمانية للاعب السعودي ووجود أهل الاختصاص لمعالجة هذه المعضلة التي تنامت في العقدين الماضيين، مقارنة بجيل النعيمة وماجد. * كثر الجدل حول اتحاد القدم الحالي، كيف تقيّم عمله؟ * هو اتحاد جديد لم يمض أشهر حتى استقال ثلاثة من أعضائه، التقييم في هذه الفترة القصيرة ظلم، ولكن اشترك هو واتحاد عزت في كارثة لأول مرة تحدث للكرة السعودية باستمرار الدوري في بطولة قارية، وهذه من الأخطاء التي تجعل المتابع يضع يده على قلبه، التغيرات السريعة في اللجان أيضاً يعطي المتابع قلة الخبرة لهذا الاتحاد، حادثة لجنة المسابقات واستقالة عادل البطي وما دار من سيناريو غريب عجيب في ملف قضية بسيطة جداً لنقل مباراة في الدوري من مكان لآخر، أيضا يزعزع الثقة في هذا الاتحاد، والأمر المفجع هو مخالفته للوائح التي يريد تطبيقها على الأندية «احتجاج القادسية على الفتح في قضية البطاقات الملونة التي تنفصل من مسابقة عن أخرى» فالاتحاد لا يطبق حتى لوائحه الواضحة، لذلك المشهد مقلق جداً جداً جداً. *ماذا عن تجربة ال8 أجانب، هل أنت معها أم لك رأي مختلف في ذلك؟ * تجربة جديدة للكرة السعودية، البعض يرى الانتظار لنهاية الموسم، والبعض يراها غير مجدية وأضرت بالأندية وبالمنافسات المحلية، ولكنني سأتحدث عنها من جانب آخر وهو الهدر المالي الكبير الذي واكب هذه التجربة، فإذا كان أحد الأهداف المعلنة في السابق هو تخفيض قيمة العقود العالية للمحترف السعودي، فإن بعض صفقات الأجانب للاعب واحد عن المحترفين السعوديين ككل في أغلب الأندية وهذه حقيقة تؤكدها الأرقام. *كيف ترى عودة الحكم السعودي للمنافسات المحلية؟ * قرار لابد منه طال الزمن ولا قصر، ولكن المهم أن يستفيد هذا الحكم مما مر به وهو بعيد عن الصافرة، والأهم أن يعي أكثر أن الثقة غير موجودة، وأن عليه أن يستعيدها عن طريق النجاح. * كيف تستطيع أن تجمع بين عملك في الصحافة وظهورك التلفزيوني في صدى الملاعب وظهورك الإذاعي؟ * رغم تعدد الأدوار ما بين الصحيفة والصدى وحتى الإذاعة، إلا أن التخصص واحد هو «الصحافة» وتخصص التخصص واحد أيضاً وهو المجال الرياضي، فكل هذه الأدوار التي ذكرتها في سؤالك تصب في قناة واحدة مما يسهل المهمة من جانب، وتكتسب الخبرات من جانب آخر. *الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي، كيف تقيم عمله، وماذا تريد منه كإعلامي؟ * اتحاد جديد يجب أن يأخذ فرصته بالكامل حتى تستطيع أن تطلق عليه الأحكام، لكن يحسب له وضع العديد من اللوائح والأنظمة والقوانين التي يسعى لتطبيقها، وبدأ بتطبيق بعض الأفكار مثل ابتعاث بعض الإعلاميين للدورات الإعلامية، وإصدار بعض العقوبات للمخالفين عبر المنابر الإعلامية، وهذه خطوات جيدة لكنها بحاجة لفعالية أكبر، والأهم أن يكون هذا الاتحاد البكر ممهدًا في المستقبل لمحطة الانتخابات وهي لغة العصر في المجالات الإعلامية. *كيف تقيم وضع الإعلام الرياضي اليوم؟ * عملية التقييم صعبة، وهذا ليس تهرباً أو خوفاً، ولكن هناك ما هو إيجابي وهناك ما هو سلبي، ولا أتحرج بالقول إن الحابل اختلط بالنابل، وتأخر المقدم، وتقدم المؤخر في عملية عشوائية شوهت المشهد الإعلامي في بعض الأحيان. *حدثنا عن مشوارك الاعلامي، واهم المصاعب التي واجهتك في المهنة؟ * يعني أنت تتحدث عن مشوار عادل عصام الدين ولا العبدي ولا البكر ولا الوعيل ولا الشرقي، ترى عيسى الجوكم!! *هل ترى أن المراكز الإعلامية بالأندية تقوم بعملها أم أن هناك نواقص يجب توفرها؟ وما أبرز الملاحظات على المراكز الإعلامية؟! * بعضها متطور للغاية، وبدأت تستخدم أساليب متطورة لإيصال المعلومة «جرافيك، قصص مصورة، فيديو» لم يعد دورها مقصور على كتابة خبر تدريب أو تصريح مسؤول، وإذا سألتني من الأفضل أعتقد نادي القادسية بمركزها الإعلامي سجل أولويات ومبادرات وعمل احترافي كبير. * من الإعلامي الرياضي الناجح بنظرك؟ * معايير النجاح هنا مختلفة، في السابق كنّا نقول هذا الإعلامي مخبر وهذا كاتب وهذا مبدع في الحوارات والقائمة تطول، لكننا حالياً في عصر الشهرة والسرعة، وقد يكون الأشهر ليس صحفياً، والمغمور إعلامي بارع غير معروف، وهذه حقيقة يجب الاعتراف بها، عموما الإعلامي الناجح في هذا الزمن «راسب» واللي مشواره دوائر حمر في شهاداته هو المتفوق مع مرتبة الشرف!! * ما رسالتك لرئيس هيئة الرياضة الجديد؟ وماذا تتوقع منه؟ * هي ليست رسالة، هي أمنية بأن نرى ملاعب كرة قدم خاصة للعبة بدون مضمار، وأن تكون هناك قفزة كبيرة على مستوى الاستادات الحديثة في المدن الكبيرة.