مع دخول الشتاء، يذهب الكثير من الناس للتخييم والنزهة البرية. وبسبب برودة الجو، يستخدم المتنزهون أنظمة التدفئة التقليدية باستخدام الحطب والفحم وغيرهما أو أجهزة التدفئة التي تستخدم مدافئ الكيروسين، وقد ينام بعض الناس في السيارة والمحرك يعمل في أماكن سيئة التهوية. وقد ينتج عما سبق غاز سام يعرف بأول أكسيد الكربون (Carbon monoxide CO). وهو غاز عديم الرائحة لذلك لا ينتبه له النائم!.. وللأسف تظهر في هذا الموسم من كل عام أخبار مؤسفة عن وفيات بسبب استخدام التدفئة التقليدية. وغاز أول أكسيد الكربون ينتج عن الاحتراق غير الكامل للمواد الكربونية، كما قد ينتج في حال وجود خلل في المدفأة التي تستخدم المواد المشتعلة. ومشكلة هذا الغاز أنه لا لون له ولا طعم ولا رائحة؛ لذلك لا يدرك الشخص العادي وجوده، وعند استنشاقه يصل إلى الدم بصورة تدريجية ويرتبط بالهيموجلوبين الحامل للأوكسجين مما ينتج عنه إزاحة الأوكسجين من الهيموجلوبين. ومن المعلوم أن الهيموجلوبين يحمل الأوكسجين من الرئتين إلى الأنسجة والأعضاء جميعها ومنها الدماغ حتى تحصل على كفايتها من الأوكسجين العامل الأساسي في عملية حرق الطاقة. لذلك فإن أول أكسيد الكربون يقلل من كمية الأوكسجين المحمولة للأنسجة، كما أنه يمنع انتقال الأوكسجين المتبقي في الهيموجلوبين إلى الأنسجة التي تحتاج إليه لأنه يسبب تمسك الهيموجلوبين بالأكسجين المتبقي وعدم السماح له بالانتقال للأنسجة والخلايا. وينتج عما سبق نقص حاد في مستوى الأوكسجين في الأنسجة ويسبب أعراض التسمم التي سنتحدث عنها. وأول أكسيد الكربون له قابلية أعلى من الأوكسجين للارتباط بالهيموجلوبين ب200 مرة مما يسرّع من عملية الإزاحة والارتباط بالهيموجلوبين والتسمم. ولحسن الحظ أن عملية التسمم بطيئة إلى حد ما وتحتاج من 8 إلى12 ساعة من التعرض للغاز حتى يتشبع الدم به. ولكن الأعراض قد تظهر قبل تشبع الدم، كما أن الوفاة قد تحدث قبل تشبع الدم كذلك. والتسمم بأول أكسيد الكربون من أسباب الوفاة التي يمكن منعها بسهولة في مثل هذه الأوقات من السنة في العالم كله بأخذ الاحتياطات اللازمة. وقد يحدث هذا للشخص وهو نائم ولا يشعر بذلك، لذلك وجب أخذ الحيطة والتنبه لهذا القاتل الصامت. كما أن احتمال التسمم عند الأطفال أكثر من الكبار لأن معدل تنفسهم في الدقيقة أسرع من الكبار مما يزيد من سرعة وصول الغاز للدم ومن ثم التسمم. أعراض التسمم وقد يستيقظ الشخص بأعراض التسمم ولكن لا يعرف سببها. وهذه الأعراض تشمل الصداع، الضعف العام، التوتر، الغثيان، الخمول، الدوخة، نقص مستوى الوعي واضطراب دقات القلب. وتخف الأعراض عادة مع مضي وقت النهار؛ حيث يعود الأوكسجين تدريجيًا مع التهوية لأخذ مكانه الطبيعي في الهيموجلوبين. وإذا اشتكى أي شخص من الأعراض السابقة بعد النوم عند مدفأة تستخدم نظام الحرق والاشتعال فإن احتمال وجود تسمم بأول أكسيد الكربون يظل قائمًا. كما أنه إضافة إلى الأعراض الحادة فإن التسمم قد يؤدي إلى مضاعفات طويلة المدى تصيب الجهاز العصبي المركزي للإنسان بسبب النقص في مستوى الأوكسجين، وقد يضطر الأطباء إلى تنويم المريض في وحدة العناية المركزة واستخدام أجهزة التنفس الصناعي. لذلك وجب التحذير من خطورة التدفئة التقليدية والحرص على تهوية مكان النوم بشكل جيد. البعض يلجأ للتدفئة الطبيعية باستخدام الفحم لذا يجب الحذر عمليات الحرق الطبيعية ينتج عنها غاز سام لا يدركه الكثير من الناس وكذلك بالحطب