ربما صدم البعض بمعرفة السعرات الحرارية في بعض الوجبات وخصوصاً الوجبات السريعة بعد إعلانها الذي اشترطته الهيئة العامة للغذاء والدواء على مقدمي الأغذية، وتفاجأ الكثيرون باحتواء بعض الوجبات على 1500 سعر بل وصل بعضها 1800 سعر، أي أنها تغطي الاحتياجات اليومية من السعرات بنسبة 90 % وأكثر، بينما لا تحتوي تلك الوجبات على كل العناصر الغذائية الضرورية، وهذه الأرقام توضح أحد أهم أسباب زيادة الوزن والسمنة في مجتمعنا. وعلى هذه الصفحة سأوضح أمرين مهمين، الأول: كمية السعرات التي نحتاجها يومياً وكيف نحسبها لكل منا، والثاني: كيفية معرفة السعرات الحرارية في الأغذية وكيفية حسابها، من أجل معرفة الاحتياجات اليومية من السعرات والتي لا يجب تجاوزها لئلا نعرض أجسامنا للسمنة ومن ثم للأمراض المزمنة الأخرى. لنتعرف على السعرات الحرارية، ماهي وما مقياسها؟، السعرة الحرارية أو الحريرة، جمعها سعرات أو حريرات وهي وحدة لقياس الطاقة الحرارية في أجسامنا وفي الأغذية عموماً وتُعرّف بأنها كمية الحرارة اللازمة لرفع درجة حرارة جرام واحد من الماء درجة مئوية واحدة، واشتهر المصطلح الإنجليزي (الكالوري) الذي يعني السعرة، ولكون السعرة قليلة جداً لأنها تقيس تغير درجة حرارة جرام واحد من الماء فقد تم استخدام الكيلو بدل الجرام فصار المصطلح (كيلو سعر) أو (كيلو كالوري) وهو الشائع والمستخدم كثيراً وبعض الدول تستخدم مصطلح (كيلو جول) والذي يساوي 4.18 من الكيلو كالوري. * من أين نحصل على السعرات ؟ من الغذاء حيث يعطي 1جم من الدهون 9 سعرات حرارية ويعطي الكربوهيدرات 4 سعرات حرارية ويعطي البروتين أيضاً 4 سعرات حرارية من 1 جم. لهذا ننتبه كثيراً إلى كمية السعرات في الدهون والزيوت حيث إنها تحتوي على نفس كمية السعرات سواء في الدهون الحيوانية مثل الشحوم والزبدة والسمن أو النباتية مثل زيوت الذرة أو الزيتون أو السمسم أو أي نوع آخر، فالسعرات واحدة ولكن تختلف تلك الزيوت في مركبات أخرى تجعل بعضها صحياً وبعضها غير صحي مثل نسبة احتوائها على الدهون المشبعة والكوليسترول والدهون المهدرجة. أي تلك العناصر الغذائية تمدنا بالسعرات أكثر؟ كما ذكرت الدهون تعطي سعرات أكثر من 1 جم ولكن ليس بالضرورة أن تكون هي أكثر مصدر للسعرات في غذائنا اليومي، لأن ذلك يعتمد على كمية الغذاء الذي نتناوله من تلك المصادر الثلاثة، يجب أن يكون أكبر مصدر للطاقة (السعرات) في غذائنا اليومي من الكربوهيدرات والتي يجب أن توفر لنا 50 % من الطاقة اليومية بينما توفر البروتينات حوالي (30 – 35 %) من الطاقة اليومية ويجب أن توفر الدهون ما لا يزيد على (15 – 20 %) من السعرات اليومية حسب العمر والحالة الصحية. ولكي نحصل على طاقة كافية من الكربوهيدات أو التي نسميها النشويات بدون تأثير سلبي على صحتنا يجب أن تكون من نوع الكربوهيدات المركبة أو المعقدة مثل القمح الكامل (البر أو النخالة) أو الرز الأسمر وكذلك الخضروات والفواكه الكاملة، وعندما يتناول البعض كمية أكبر من السكريات البسيطة مثل السكر العادي المضاف للمشروبات أو الحلويات أو منتجات الطحين الأبيض مثل الخبز الأبيض والرز والمكرونة بأنواعها والمعجنات والبسكويتات يكون التأثير سلبياً وقد يكون ضاراً للبعض، وحسب مشاهداتي في العيادة فهو أكبر مسبب للسمنة بالذات لدى النساء والمراهقين من الجنسين هي تناول كميات كبيرة من السكريات البسيطة مع ضعف النشاط البدني. * كم السعرات الحرارية التي نحتاجها يومياً؟ هذا سؤال مهم والإجابة عنه ليست معقدة واستيعابها سيساعد كثيراً في تحسين نمط الحياة وتجنب السمنة وعلاجها لمن أصيب بها، وأتمنى على الوالدين والمعلمين والمعلمات تبسيط هذه المعلومات ليفهما الأطفال والشباب والشابات، فهمها يساعد بالتأكيد على ضبط تناول السعرات بما يكفي للجسم. تختلف كمية الطاقة (السعرات) التي نحتاجها يوميا حسب العمر والجنس والطول والوزن والنشاط البدني، ويحتاج الرجل في المتوسط الى حوالي 2200 سعر وتحتاج المرأة في المتوسط 1800 سعر يومياً، ويضاف عليها نسبة النشاط البدني الذي يؤديه الشخص، وسنوضح تلك النسبة وطريقة اضافتها . *كيف تحسب السعرات المناسبة لجسمك؟ * يمكن معرفة السعرات التي يحتاجها الجسم بدقة من خلال جهاز يقيس نسبة الأوكسجين وثاني أكسيد الكربون في هواء التنفس بحيث لا يحدث الشخص أثناء القياس أي حركة وكانت تستخدم طريقة قديمة وهي وضع الشخص لمدة 24 ساعة في غرفة معزولة تماماً من أي مصدر حرارة ويتم تغذيته عن طريق أنبوب أو غذاء محسوب السعرات، إلا أن تلك الطرق مكلفة ولهذا لا تستخدم إلا للأغراض البحثية الطبية فقط، والطرق الأكثر استخداما هي حساب السعرات من خلال معادلات رياضية يستخد فيها الطول والوزن والعمر، ومن أشهر تلك المعادلات معادلة هاريس بندكت (Harris-Benedict)، ومعادلة منظمة الصحة العالمية، ومعادلة ميفلن سانت (Mifflin-St. Jeor)، وأكثرها دقة المعادلة الأخيرة على الرغم من التعديلات والتطوير الذي جرى على المعادلة الأولى والتي كانت أكثر شهرة في السابق. . وتحسب تلك المعادلات السعرات التي يحتاجها الشخص السليم في المتوسط والتي هي حوالي 1800 إلى 2000 سعر والتي تكفي لمعدلات الأيض الأساسية Basal metabolic rate ((BMR أي الطاقة التي يحتاجها أعضاء الجسم لتعمل مثل القلب والرئتين والكلى والمخ والخلايا وغيرها وأياض العمليات الحيوية والتفاعلات التي تحدث في الجسم، وتشكل تلك السعرات أغلب السعرات التي تحتاجها أجسامنا ويضاف لناتج تلك المعادلات السعرات التي يحتاجها في النشاط البدني، فالشخص الذي لا يمارس جهداً بدنياً غير حياته العادية يضرب الناتج في العامل 1.2، وإذا كان يزاول نشاطاً بدنياً متوسطاً يضرب الناتج في 1.3، وإذا كان الشخص رياضياً يزاول نشاطاً بدنياً كبيراً يضرب الناتج في 1.4، وأحياناً نستخدم حسابات أكثر تفصيلاً حسب الجهد. *كيف تحسب السعرات الموجودة في الأغذية؟ -الطريقة الأكثر دقة هو استخدام جهاز المسعر الحراري ويتم وضع العينة الغذائية داخله ويتم حرقها بالأوكسجين تحت ضغط وتقاس الطاقة (السعرات) المنبعثة من ذلك الغذاء، وطريقة أخذ عينة الغذاء سهلة، حيث نأخذ الغذاء سواء ساندوتش همبرجر، أو شاورما أو بيتزا أو كبسة أو قرصان أو غيرها وتكون كاملة كما تقدم للشخص، ويتم خلط كل وجبة بالخلاط حتى تكون متماثلة وتؤخذ منها عينات، كل عينة تختبر لوحدها ويؤخذ متوسط القراءات، وهذه هي الطريقة الدقيقة إلا أنها مكلفة ولا تستخدم في تقدير السعرات في المطاعم وغيرها. الطريقة التي تستخدم حالياً في المطاعم والمقاهي وغيرها هي طريقة حسابية، حيث يطلب أخصائي التغذية المختص من المطعم تحديد مكونات كل وجبة ووزن كل مكون، مثلاً البيتزا لا بد من معرفة كمية الطحين المستخدم والجبن والفلفل الأخضر والزيتون والطماطم والمشروم أو أي مكونات أخرى، وهناك برامج متوفرة فيها تحليل للعناصر الغذائية ومنها السعرات لكل نوع ويتم ضرب الكمية بالجرام في المحتوى من السعرات ثم جمع تلك النتائج وتكون هي السعرات التي تحتويها تلك الوجبة، وبلا شك ستكون النتيجة تقريبية أو غير دقيقة، ولكن في حدود مقبولة. في الفترة الحالية تعلن أماكن بيع الأغذية عن السعرات الحرارية من خلال تقييمها من قبل مراكز ومكاتب استشارية معتمدة من هيئة الغذاء والدواء وبعد فترة ستقوم الهيئة مع البلديات بمراجعة تلك المكونات وأخذ عيينات وتحليلها للتأكد من مصداقية السعرات المعلن عنها.