ضياء عزيز: قدمت أعمالاً في الفكر الحديث فأحسنت بما قدمت د. إيمان الجبرين: رحيلها خسارة كبيرة إبراهيم البواردي: منيرة موصلي ساهمت في نهوض الفنون ودّعت الساحة الثقافية والتشكيلية مطلع هذا الأسبوع التشكيلية منيرة موصلي أحد أهم رواد الفن التشكيلي في المملكة، والتي توفيت بعد معاناة مطولة مع المرض، عن عمر يناهز الرابعة والستين، وساهمت موصلي في ازدهار حركة الفنون التشكيلية بالمملكة والخليج، وكان أول معرض تقيمه مع زميلتها الفنانة صفية بن زقر في مدرسة التربية الحديثة العام 1968، ومن ثم معرضها الخاص الأول العام 1972 في مدينة جدة. هذا وأسست مهرجان الفن في مدينة الخبر العام 2007، كما نشرت العديد من الدراسات الفنية التي اتخذت فيها موضوعات اجتماعية مهمة مصدراً لها. وتعتبر أول من قدم طرحاً فنياً حول مفهوم التصوير الإسلامي الذي يرافق المخطوطات، وطرحته عبر مجموعة من أعمالها الفنية التي أسمتها "الواسطي وأنا"، وقد حصدت عشرات الجوائز خلال مسيرتها في العديد من العواصم العربية، ووصفت بالظاهرة الفنية والإنسانية، التي سبقت زمنها. التشكيليون تحدثوا بقلوب حزينة متأثرة عن مناقب ومآثر الفقيدة وأعمالها الفنية الخالدة، والتي رسمت مساراً ريادياً مهماً في الحركة التشكيلية السعودية.. بداية تحدثت د. منال بنت عبدالكريم الرويشد - رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للفنون التشكيلية - قائلة: "رحيل الفنانة التشكيلية منيرة الموصلي رائدة الفن التشكيلي السعودي وصاحبة الخبرة والتجربة والتاريخ بالمشاركات الفردية والجماعية داخل وخارج المملكة رحيل موجع، رحمها الله وغفر لها وأسكنها فسيح جناته. بداياتها كانت مع الفنانة التشكيلية صفية بن زقر واستمرت بالمحاولات والإبداع المتنوع، وعرفت كرائدة مميزة؛ فلديها وعي وفكر وثقافة واهتمام كبير بالقضايا الإنسانية والتراث، التقيت بها كثيراً داخل المملكة وخارجها وتحاورت معها في آرت دبي، وكانت تتحدث بعمق وثقافة نوعية كما كان لها بصمة واضحة بالرأي والمناقشة حول انطلاق الجمعية السعودية للفنون التشكيلية وإقرارها كجمعية تعني بالفن التشكيلي فقط، ونادت وزارة الثقافة لعمل صندوق دعم لصالح الفنان التشكيلي يراعى فيه ظروف من عانى صعوبات في الحياة صحية أو اقتصادية أو نفسية أو اجتماعية". وأضافت قائلة: "إن رحيل منيرة الموصلي يعني فقد رمز وطني وأيقونة مهمة في تاريخ ثقافة المملكة، فهي امرأة متحدثة لديها فكر وثقافة ووعي كبير رحمها الله، وأشكر صاحب اللفتة الإنسانية العظيمة والتقدير الكبير سمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود وزير الثقافة بإطلاق اسم منيرة الموصلي على إحدى دور العرض في المملكة، وهذه بادرة خير لتقديرها وتثمين جهودها وإبداعها، فالعزاء للوطن بفقدها ولذويها وللوسط التشكيلي وللمجتمع الثقافي". مثال الفكر الحديث وعلق الفنان القدير ضياء عزيز ضياء وبرغم مرضه إلا أنه أصر أن يتحدث قائلاً: "رحمة الله على الفنانة منيرة موصلي، فقد كانت رائدة في مجال هذا الفن، وقدمت أعمالاً هي مثال الفكر الحديث. فأحسنت بما قدمت، جعل الله مثواها جنات العلا، وإنا لله وإنا إليه راجعون". رحيلها خسارة كبيرة وأكدت د. إيمان الجبرين المحاضر بجامعة الأميرة نورة أن رحيلها بالفعل كان خسارة كبيرة، فقد احتفلنا هذا العام بمرور 50 عاماً على المعرض الأول للمرأة السعودية والذي أقامته الفنانتان منيرة موصلي - رحمها الله -، وصفية بن زقر - أطال الله في عمرها ومتعها بالصحة والعافية - العام 1968م. حيث كانت منيرة حديثة التخرج من كلية الفنون الجميلة بالقاهرة، وقد درست على يد نخبة من أهم رواد الفن المصري، لتشق كل منهما بعده طريقاً خاصاً أصبحت بفضله رائدة في مجالها. وأضافت: "وكتيّب المعرض الأول يظهر اهتمام الفنانتين منذ البداية بالتراث والموروث رغم اختلاف الأسلوب والتقنية، في وقت كان بقية معاصريهم مازالوا متأثرين بالفنون الغربية، حيث اتجهت منيرة إلى التجريب بالكولاج ثم الخامات المتنوعة مع بقاء الموضوعات المستمدة من التراث المحلي. وكانت من مجموعاتها الفنية الشهيرة أعمال حاورت فيها بألوانها الواسطي وعرضتها في معرض (الواسطي وأنا). كما أنها المرأة السعودية الوحيدة في جماعة (أصدقاء الفن الخليجي) التي ظهرت في الثمانينات الميلادية بجهود شخصية استمر العمل فيها قرابة العشر سنوات حتى وصل نشاطها جزر الكاريبي". حب وتقدير العالم العربي أما الفنانة هدى العمر فتحدثت بالقول: "بلا شك فقدان أي هامة أثرت وتأثرت بها الساحة التشكيلية نحزن له بكل مشاعرنا، ولكني أؤمن بأن الفنان خالد بأعماله التي تفرض وجوده الروحي الذي يحلق دائماً وأبداً في فضاء متحف أو على جدار معرض ويحاورنا بصمت. تلقيت مكالمة هاتفية من زملاء الراحلة من القاهرة، فمنيرة - رحمها الله - درست الفنون بمصر وقد نعت أكاديمية الفنون الجميلة بالقاهرة وفاتها، وهذا يثبت حب وتقدير العالم العربي لفنانة سعودية قديرة، فلم تضع منيرة بصمتها كرائدة محلياً فقط ولكن دولياً مما يثبت أن هذا الكيان الفكري الثقافي الإبداعي مستمد من وطنها السعودي الأصيل، نسأل العلي القدير أن يتغمدها برحمته ويسكنها فسيح جناته. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي القدير". رافد من روافد الفن وقال هشام قنديل مدير اتيليه جدة للفنون التشكيلية: "لم يمر عام على فقد العزيز فهد الحجيلان وهنا نفجع اليوم بخبر وفاة الفنانة الرائدة منيرة موصلي فهل هذا هو عام الفقد، أما أن نستفيد من فن وخبرة هؤلاء قبل رحيلهم وهي دعوة كررتها مراراً بضرورة إنشاء أكاديمية للفنون التشكيلية يشارك فيها الرعيل الأول بفنه وخبرته لتستفيد الأجيال القادمة خصوصاً إذا علمنا أن منيرة موصلي تكاد تكون الفنانة الأكاديمية بحق في الحركة التشكيلية السعودية، وهي درست الفنون في كلية الفنون الجميلة بمصر على أيدي رواد الحركة التشكيلية المصرية، وكان أساتذتها يشيدون بموهبتها الأصلية ونبوغها المبكر، وكان أهم ما يميز أعمال منيرة أنها تتناول التراث بشكل حداثي معاصر، فهي بحق من المجددات في الحركة التشكيلية العربية، وكانت تمتاز أيضاً بثقافتها الواسعة الشمولية لذا كانت قريبة الصلة بالأدباء والشعراء". ويضيف قنديل: "لا شك أننا خسرنا فنانة ورافداً كبيراً من روافد الفن، وأتمنى أن يدرس فن منيرة موصلي للأجيال الجديدة مثلها مثل الرضوي والسليم والحجيلان، وأقترح أن تطلق أسماء هؤلاء الراحلون على شوارع المملكة تخليداً لذكراهم وعرفاناً بما قدموا لوطنهم". بينما تحدثت التشكيلية د. هناء الشبلي - مديرة إدارة التخطيط ب(جسفت) - قائلة: "التشكيلية منيرة موصلي - رحمها الله - من رائدات الفن التشكيلي السعودي ومن الفنانات الطليعيات، قدمت إنتاجاً فنياً وفكرياً مميزاً منذ بداياتها.. كما شاهدنا لها تجارب فنية متنوعة الخامات والأساليب، وهذه الخبرات المتراكمة جعلت منها فنانة مميزة، من خلال لقاءاتي معها - رحمها الله - تبين لي مدى حرصها على التفاصيل والدقة في عملها، لو أناقشها في أي موضوع فني سيكون الجواب عنه، وقد كانت تدافع بقوة عن آرائها ومبادئها مهما كانت الظروف. وعن مواقفها الإنسانية أكدت الشبلي أنها كثيرة، فقد ساعدت بنات وطنها في بداياتها بالمنطقة الشرقية بإقامة مرسم لهن وعلمتهن المبادئ الأساسية للرسم، كما أنها قدمت ما تستطيع لقضايا الوطن العربي فقد كانت من الفنانات المناصرات للقضية الفلسطينية ولها أعمال فنية مميزة في ذلك، وقد التقيت بها في معرض (من أجل أطفال غزة.. وقفة فنية) الذي أقيم في النادي الأدبي بالرياض العام 1430 ولأنها ضمن لجنة تنظيم المعرض ولها عمل فني نسيجي مميز يعبر عن الطفل الشهيد (محمد الدرة)، كما أن لها أعمالاً فنية عن التاريخ العراقي.. ودائماً تردد عبارة: "إنها تنتمي لجميع الحضارات ولكل الأجناس وكل الفنون لكل الأزمان".. وتضيف الشبلي: هذه الإنجازات المتنوعة جعلت برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأممالمتحدة الإغاثية يختارها كأخصائية فنية العام 1994 للمساهمة في برامجه الفنية والإعلامية، هذا وقد كانت -رحمها الله - تطالب بأن تدرس الفنون التشكيلية في المدارس والجامعات على أسس أكاديمية. وكان حلمها تأسيس متحف للفن التشكيلي السعودي ومعارض دائمة في المدن الرئيسة، وأن تكون الحركة التشكيلية المحلية ملتحمة بالحركة العالمية، ولكنها انتقلت إلى رحمة الله قبل أن يتحقق حلمها في إقامة هذا المتحف لاحتضان أعمالها وأعمال من زاملها من الفنانين الرواد في الفن التشكيلي السعودي. تركت إرثاً فنياً أما د. علي مرزوق - أستاذ الآثار المساعد بجامعة الملك خالد، ومدير الجمعية السعودية للفنون التشكيلية بعسير - فذكر أن الوسط التشكيلي فجع بوفاة الفنانة منيرة موصلي - رحمها الله - التي تعد من رواد الفن التشكيلي السعودي والخليجي بتجربة فنية ثرية استحضرت في بعض محطاتها الفنية الموروث الإسلامي في نصوصها البصرية وفق أسلوب يخصها ويميزها عن الآخرين، وعزاؤنا أنها رحلت بعد أن تركت إرثاً فنياً تشكيلياً مميزاً سيظل نموذجاً يحتذى به. وكنت أتمنى على وزارة الثقافة أنها كرمتها في حياتها وليس بعد مماتها بصفتها واحدة من رائدات الحركة التشكيلية السعودية المميزات، ولمساهمتها في خدمة الفن التشكيلي بمطالباتها المستمرة لإنشاء متاحف للفنون، وأن تقتني الشركات والمؤسسات أعمال الفنانين تشجيعاً لهم لمواصلة الإبداع والتميز، إضافة إلى أبحاثها المتخصصة، وعملها كأخصائية فنية من قبل برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأممالمتحدة الإنمائية الداعمة للفنون، وبإسهاماتها بأعمالها في قضايا إنسانية كقضية فلسطين بتخصيص جزء من ريع أعمالها لصالح هذه القضية العادلة وغيرها من القضايا الإنسانية، واقتراحها لصندوق إنساني يدعم الفنان التشكيلي السعودي. وختم مرزوق حديثه بأن تتبنى وزارة الثقافة إقامة معرض استعادي لأعمال الموصلي يطوف مناطق المملكة، وطباعة كتاب يوثق مسيرتها الفنية يستكتب فيه أكاديميون، ونقاد، ومتخصصون في الفنون التشكيلية. مسيرة حافلة بالعطاء والإبداع وأخيراً يقول التشكيلي إبراهيم البواردي حول هذا الفقد والحزن: "برحيل الفنانة منيرة موصلي فقدت الساحة التشكيلية رائدة من رواد التشكيليين في المملكة وأوائل الفنانات التشكيليات التي وضعت بصمة في الحراك التشكيلي، كما هي إبداعاتها في توظيف الموروث العربي والبحث والتجريب، تعتبر من أوائل الفنانات اللائي أقمن معرضاً تشكيلياً في جدة، وبعدها قدمت الكثير من المعارض الفردية والجماعية في المملكة وخارجها، وتجمع في علاقاتها الفنية بالمجتمع وتواضعها مع الفنانات في النهوض في الفن التشكيلي السعودي، وذلك بتقديمها المحاضرات والدورات والدراسات الفنية التي استفاد منها العديد من الفنانين. مسيرة حافلة بالعطاء والإبداع الفني، امتدت أكثر من أربعين عاماً، رحمها الله". من أعمال الراحلة منيرة موصلي