سعدت بتعيين معالي الدكتور حمد آل الشيخ وزيراً للتعليم؛ وذلك لما تزخر به سيرته الذاتية من عمق معرفي، وتراكم خبرات نوعية، بما فيها أنه كان نائباً في الوزارة يعرف خباياها وقضاياها. كذلك لما تمتاز به شخصيته من عقلية واعية، وفكر ناضج، ورؤية نيرة، وقدرة خطابية لبقة تمكنه من عرض أفكاره بوضوح ورقي، تجلى ذلك من خلال العديد من اللقاءات الإعلامية المميزة التي شارك بها. إن الميدان التربوي ينتظر من معاليه الكثير من الإصلاحات الجوهرية، المتصلة بعمق الميدان، فقد سئم هذا الميدان من الإنهاك في عمليات التجريب، والتخبط المضني الذي يرهق ولا يثمر. ينتظر من معاليه وهو الخبير العارف، إعادة صياغة خطاب الوزارة مع المعلم، والطالب، وولي الأمر، والمجتمع، بما يحقق نشر الوعي بأهمية التعليم وقيمته، وتكامل الأدوار بين جميع الأطراف، حيث إن الصورة الذهنية المجتمعية عن المدرسة، ليست جيدة، بسبب تراكمات خطاب الوزارة، وبسبب الشحن الإعلامي، والممارسات السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي، والتي ساهمت بعض تصريحات مسؤولي الوزارة في تأجيجها. الالتفات إلى بناء علاقة إيجابية بين الوزارة ومعلميها، بتبني خطاب واعٍ يقدر جهودهم ويحترم مهنتهم، ويعزز مبدأ الثقة المتبادلة، والاعتناء بالنمو المهني؛ ما يحفز على العطاء ويجود الأداء. كما أن مبدأ الثقة القائمة على المصداقية والمرونة في التعاطي مع القرارات، يمكِّن إدارات التعليم من نقل حقيقة واقع الميدان واحتياجاته، بدلاً من التعاميم المكتظة بمفردات المحاسبة، التي أفرزت تقارير غير دقيقة؛ للتملص من المحاسبة غير المنصفة. إن تجويد العملية التعليمية هو رأس الأهداف وجوهرها، إلا أن المهم أن يتم العمل على هذا الهدف وفق استراتيجية منسجمة مع الميدان، قائمة على أدواته بما يحقق الأهداف تطبيقياً لا تنظيرياً، ولعل العودة إلى تدريس مادتي الإملاء والخط نقطة إيضاح لهذه الفكرة. إن أي عملية إصلاح لا تضع المعلم ضمن أولوياتها، ولا تشركه في رسمها، ولا تأبه برأيه، في تقديري تفتقد أهم عناصر النجاح. منطقياً لا يمكن إشراك جميع المعلمين، ولكن يمكن ذلك عن طريق نخب المجموعات، لكن الأهم من حضورهم؛ هو عدم تهميش آرائهم، وأفكارهم، وتحول ورش العمل والحوارات إلى مجرد بهرجة إعلامية. ومن هنا يمكننا القول: إن هناك فجوة بين مشروعات الوزارة، وبين احتياجات الميدان، ولكي نحصل على نجاح حقيقي في عملية الإصلاح فلابد من ردم هذه الفجوة. وفي الختام أنقل - للقارئ الكريم - ما كتبه الدكتور إبراهيم الحميدان في حسابه بتويتر عن معالي الوزير: «في الفترة التي كنت أميناً لجائزة التعليم للتميز، عرّفت معالي د. آل الشيخ بالجائزة وملامحها؛ قال كلمة جميلة: هذا مشروع حقيقي، من أفضل مشروعات الوزارة، فهو عمل يبدأ وينتهي بالميدان، من يومها قلت هذا ما يحتاجه التعليم، رجل يدرك أن معيار نجاح مشروعات الوزارة هو حجم تأثيرها في الميدان».