على الرغم من أن السعودية متقدمة في مجال صحة العين ولدينا أفضل المستشفيات التخصصية في الشرق الأوسط إلا أن تعقيد نظام التحويل الصحي في العيون وجعل دكتور البصريات (المقدم الرئيسي للرعاية الأولية للعين)، يقدم فقط خدمة تخصصية محدودة.. هو بلا شك أهم أسباب ارتفاع نسب الإعاقة البصرية والعمى في المملكة. حسب منظمة الصحة العالمية فإن المملكة في مركز غير متقدم (ب) في مكافحة العمى مع دول ذي موارد محدودة مثل سوريا وليبيا! والإعاقة البصرية قد تؤثر حتى على 6 ٪ في بعض مدن المملكة (حسب اللجنة الوطنية لمكافحة العمى) غالباً بسبب أمراض مثل الماء الأبيض والجلوكوما والأخطاء الانكسارية (قصر أو بعد النظر) والتي يمكن تفاديها أو الحد من آثارها بشكل كبير إذا تم الكشف عليها مبكراً. هذا غير ممكن في مسار التحويل الحالي في صحة العين الذي يبدأ بالطبيب العام في المراكز الصحية، ومن ثم الطبيب المقيم في جراحة العين في المستشفيات العامة، ومن ثم إلى الاستشاري وفي آخر الأمر دكتور البصريات في سلسلة منهكة للجميع وهدر غير مبرر للموارد والطاقات، وبمعدل انتظار قد يصل إلى 4 أشهر حسب دراسة حديثة (د. الدباسي وآخرون). لذلك عالمياُاً تم توسيع دور دكتور البصريات ليشمل تشخيص وعلاج بعض الأمراض المستعصية لأن هذا المسار سيوفر على النظام الصحي مبالغ ضخمة ويخدم المحتاجين بشكل أكبر. على سبيل المثال في كندا وبريطانيا يكلف علاج الماء الأزرق (الجلوكوما) بمعدل ألفي ريال سنوياً إذا تم الكشف عليه مبكراً (من خلال دكتور بصريات) وستقفز التكاليف لأكثر من 40 ألفاً سنوياً إذا كان الكشف في مرحلة متأخرة من المرض (بالإضافة إلى أن المريض سيكون معاقاً بصرياً وفي الغالب سيفقد اعتماده على نفسه وعمله). إن السبيل الأفضل لتعزيز صحة العين في السعودية وترشيد الموارد نحو نظام صحي وقائي فعّال هو بإضافة عيادة دكتور البصريات في المراكز الصحية الأولية في السعودية والذي بدوره سيخفف من العبء الذي تتحمله المستشفيات التخصصية، ويؤدي إلى التحويل الصحيح وتخفيف قوائم الانتظار. كما أن توسيع دور دكتور البصريات في مراكز البصريات التجارية وتطبيق نظام جودة صارم سيحدث نفس الأثر في القطاع الصحي الخاص. إن أي نظام صحي لا يستثمر في الرعاية الأولية سيضطر إلى أن يصرف عشرات الأضعاف في رعاية تخصصية كان ممكن تلافيها.