دول الخليج يجمعها العديد من المشتركات الإنسانية والتاريخية والجغرافية وحتى المستقبلية، وفيها تنوّع بشري وتعدُّد ثقافي مميز، مما جعلها زاخرة بلوحات جمالية في مختلف أنواع الفنون والمعارف، وكونت لها حضارة حديثة متطورة مبنية على إرث ثقافي ومجتمعي زاخر. في الوقت الحالي يوجد في دول الخليج العديد من المهرجانات والملتقيات التراثية والشعبية ذات أهداف ثقافية سامية، يتم فيها استعراض التاريخ الحضاري وتبادل الخبرات عبر برامج ونشاطات متنوعة، بالإضافة لهدف الاستمتاع والترويح عن النفس ونشر البهجة والفرح والسعادة، وفي كل دولة يقام عدد من المهرجانات المتنوّعة خلال السنة الواحدة، ما بين مهرجان تراثي أو ثقافي أو فني أو معارض للكتب ومعارض للفنون التشكيليّة وغيرها، وكل فعالية تحمل كثيراً من الأفكار والتجارب والخبرات، والتي لو اتحدت مع بعضها لأصبح لدينا سوق سياحي كبير في المنطقة، فعلى سبيل المثال؛ تجربة المملكة في الجنادريّة وسوق عكاظ، وتجربة أبوظبي في مهرجان الظفرة، وتجربة دبي في القرية العالميّة، وتجربة عمان في مهرجان صلالة، وتجربة الكويت في قرية صباح الأحمد التراثية، وتجربة البحرين في مهرجان التراث، بالإضافة لمعارض الكتب والفعاليات الموسيقية والغنائية. الجنادرية تمثل نموذجاً مميزاً للتمثيل الثقافي والشعبي في المهرجانات الوطنية، فقد دأب المهرجان على مدى دوراته 33 على استضافة أجنحة خاصة بكل دولة خليجية تبرز فيها نشاطاتها وتراثها، ومن الملاحظ استقطاب هذه الأجنحة لاهتمام الحضور، ويعتبر جناح دولة الإمارات من المعالم البارزة في الجنادرية، وتقام فيه اللوحات الفنية الفلكلورية الجاذبة لحشد كبير من الجمهور، بالإضافة للمشاركات الثقافية المصاحبة للمهرجان والتي تضم شعراء ومثقفي دول الخليج، وكذلك جناح دولة عمان المميز بعرضهم لكيفيّة صناعة الحلوى العمانية. المتأمل لدور الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية يجد النشاط السياسي الكبير الذي تبذله لوحدة الكلمة وجمع الصف، وفي الوقت نفسه نتمنى أن تقوم أمانة المجلس بالتنسيق بين وزارات الثقافة ووزارات السياحة الخليجية لوضع أجندة محدَّدة سلفاً بالتاريخ لكل النشاطات والمهرجانات الثقافية والتراثية المزمع إقامتها طوال العام في مختلف الدول الخليجية ليسهل على السائح الاطلاع عليها والتنسيق لحضورها، بالإضافة إلى ضرورة وجود موقع إلكتروني يحوي تفاصيل هذه الفعاليات، وبذلك يمكن تفعيل وتنشيط السياحة الخليجية واستقطاب السيّاح من كل أنحاء العالم، ويمكن أن تحظى الأسرة الخليجية بسياحة إقليمية تلبي احتياجاتها من الترفيه والفائدة، وليس هناك حاجة لاستحداث مهرجانات جديدة ولكن المسألة هي تنظيم لما هو موجود، وتكثيف وتفعيل للمشاركات الخليجية، التي يطمح الجميع لحضورها والاستمتاع بها والاستفادة منها.