أكدت ندوة أقيمت أمس ضمن برامج الثقافة للمهرجان الوطني للتراث والثقافة بعنوان "إيران والأمن الإقليمي"، أن طهران باتت مصدر تهديد خارجي للأمن الإقليمي العربي، وأنها تتبنى في طريقها إلى ذلك استراتيجية تتمثل في التدخل في شؤون الدول العربية والإسلامية وإشعال الأزمات ودعم الإرهاب. وفي بداية الندوة، ذكر الدكتور محمد بن صقر السلمي رئيس المعهد الدولي للدراسات الإيرانية "منذ سيطرة الخميني ورفاقه من الثيوقراطيين على مقاليد الحكم في إيران الجارة بحكم التاريخ والجغرافيا، بعد أن ألقت الثورة الإيرانية أوزارها برزت إيران كمصدر تهديد خارجي للأمن الإقليمي العربي بحكم امتلاكها مشروعاً توسيعاً موزعاً على ثلاثة مجالات حيوية، يحتل الإقليم العربي فيها المجال الأول لقربه الجغرافي واحتوائه على مكون شيعي، ومرور بعض دوله بصراعات داخلية تفاقمت منذ الغزو الأميركي للعراق 2003، وشكلت فرصة تاريخية مواتية لتمرير إيران استراتيجياتها الكبرى بسقوط نظام صدام حسين، كما شكلت اندلاع ما يسمى ثورات الربيع العربي مطلع عام 2011، فرصة تاريخية أخرى لإيران لتعزيز التوغل في دول المجال الحيوي الأول. وقد استخدمت إيران أدوات مباشرة كالأدوات العسكرية والأيديولوجية والثقافية وغير مباشرة كالتجسس والاستخبارات وممثليها الدبلوماسيين والقنصليين، لتنفيذ مخططاتها التوسعية في الدول العربية على نحو فاقم الصراعات والنزاعات والانقسامات بين القوى والنخب السياسية، وأدى إلى تحويل بعض الدول العربية إلى دول ممزقة مهترئة، وإلى ملاذ آمن وتربة خصبة لتفشي الإرهاب والجماعات الإرهابية، وهو ما أدى في النهاية إلى تقويض الأمن الإقليمي برمته. وأضاف الدكتور سلطان النعيمي الباحث والأكاديمي في الشؤون الإيرانية، أنه لطالما ظل النظام الإيراني يطالب وعلى الدوام بضرورة وجود منظومة أمنية للخليج العربي، بعيدة عن تدخل القوى الخارجية باعتبار أن الخليج العربي مرهون أمنه بالدول المطلة عليه، وهذه المطالبات ورغم أنها قد تبدو واقعية لدى البعض، إلا أن هناك كثيرا من المعطيات والظروف تجعل من الطرح الإيراني كذر الرماد في العيون، يخبئ خلفه نوايا أخرى لدى النظام الإيراني تؤكده المعطيات والسلوك التطبيقي لهذا النظام ونظرته تجاه الأمن الإقليمي للخليج العربي، تحاول الورقة المقدمة لندوة إيران والأمن الإقليمي مناقشة نظرة النظام الإيراني للأمن الإقليمي الخليجي، وكيف يمكن التعاطي مع القادم من إيران قولاً وسلوكا، وما المحددات والأدلة للوقوف على واقعية الطرح الإيراني، وكيف يمكن النظر لإيران ما بين هامش الأحقية في المشاركة في الأمن الإقليمي والخليجي وما بين معطيات الواقع وحقيقة المنظور الإيراني للخليج وأمنه. وذكر الكاتب والباحث ورئيس المرصد الدولي لملاحقة جرائم إيران أنور مالك، أن الاستراتيجية الإيرانية في زعزعة الأمن الإقليمي في دول المنطقة تبنى على ثلاثة أركان أساسية: الركن الأول التدخل في شؤون الدول العربية والإسلامية في إطار ما يسمى تصدير الثورة، ونشر التشيع للولي الفقيه، والعمل للهيمنة على الشيعة في دول المنطقة وتأطيرهم ضمن كيانات ممولة ومدعومة من طهران، تستعملها ضمن ما يخدم أجندتها التخريبية، والركن الثاني إشعال أزمات داخلية في الدول وتغذيتها عبر استغلال أحزاب ومعارضين وحتى طوائف وأقليات ودفعها في مواجهة مع حكوماتها تحت مسميات وشعارات مختلفة ومتنوعة، تصل في كثير من الأحيان إلى حروب قذرة، تدمر البنيان وتقتل الإنسان، والركن الثالث دعم الإرهاب وصناعته وتمويله وتسليحه والترويج الفكري لأطروحاته المتطرفة والمتشددة، والتحريض على الطائفية والطائفية المضادة عبر التنظيمات الإرهابية والميليشيات العسكرية، وصناعة أجنحة مسلحة موالية لطهران، تعمل على فرض مخططاتها بالسلاح، والتمرد على سلطة الدول، والمواجهة مع المؤسسات الرسمية.