منظمة التجارة العالمية عرفت السياحة الثقافية بأنها سفر الأشخاص لدوافع ثقافية مثل زيارة المواقع الأثرية، أو لدراسة الفلكلور أو الفن أو الحج أو المشاركة بالمهرجانات والجولات الثقافية، وتمثل السياحة الثقافية أكثر من 10% من إجمالي السياح في العالم، وتشير تقديرات منظمة السياحة العالمية أنه ينمو بمعدل 15% سنوياً، ويشكل ما نسبته 11% من مجمل الإنتاج العالمي. وبحسب دراسة أجرتها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في المملكة بالتعاون مع البنك الدولي، فإن إجمالي رحلات السياحة الثقافية في المملكة يقدر ب6.3 ملايين رحلة، تستهدف 150 موقعاً أثرياً وتراثياً مفتوحاً ومهيأ للزوار، وهذا ما جعل المملكة تحتل مكانة مرموقة في مجال الثقافة والفنون على مستوى العالم، والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني منذ تأسيسها دأبت على تفعيل نمط السياحة الثقافية ونجحت في تأسيس ودعم عدد من المهرجانات الثقافية والتاريخية، وطورت عدداً من الوجهات السياحية، وطورت كذلك طرقاً وأسواقاً تاريخية، وقرى تراثية، واهتمت بتوثيق الفلكلور الشعبي والمأكولات الشعبية وضمان استمراريتها. ومن تلك المواقع المميزة محافظة شقراء التابعة لإمارة منطقة الرياض، التي تبعد 190 كلم شمال غرب العاصمة الرياض، وتاريخياً مدينة شقراء هي أهم وأكبر بلدان إقليم الوشم في نجد، وتعتبر من أهم المدن الاقتصادية التي كان الملك عبدالعزيز رحمه الله يأتي إليها ليتزود بالمؤونة، وخلال يوم واحد في شقراء قمنا بزيارة العديد من المعالم التي تحمل عبق التاريخ وقصص الذكريات وحياة الناس، بقصورها الشامخة ومتاحفها التراثية التي تعد مقصد للسياح والزائرين. كانت محطتنا الأولى في (سوق حليوة) الذي بني عام 1350ه تقريبا، وهو سوق كبير وواسع ومعروف ببيع القطع الاثرية والمزاد، ويقال إن الدولة العثمانية كانت تشتري خيولها وجمالها منه وفي داخل السوق يوجد (متحف شقراء) الذي تأسس عام 1438ه ويحتوي على مجموعة كبيرة من القطع الأثرية النادرة والتي تحكي حقبة زمنية من دروع ومدافع وعملات بالإضافة لمجلس للضيافة وغرفة للملابس القديمة والمفارش، وبعدها اتجهنا لزيارة (قصر السبيعي) الذي يمثل معلماً من معالم التراث لأهميته التاريخية، حيث أقام به الملك عبدالعزيز مدة عشرين يوماً، واستقبل أهالي شقراء فيه. ومن شقراء ذهبنا جنوباً إلى قرية أشيقر التي تبعد 12 كيلومتراً، قاصدين قرية أشيقر التراثية التي تتميز بالآثار والبيوت الطينية ومزارع النخيل، وفيها (متحف حمد السالم) الذي يحتوي على العديد من القطع التراثية ووسائل الزراعة قديماً، وبعض الحرف والوثائق والمخطوطات. واختتمنا يومنا برحلة بريّة في (روضة العكرشية) ذات المنظر المبهر بالخضرة. وأخيراً.. يقول الشاعر الحطيئة (المتوفي عام 45 ه): فلما نزلنا الوشم حمر هضابه ناخ علينا نازل الجوع أحمرا رحنا وخلفنا عنا مخيماً قيماً بدار الهون شقراء وأشيقرا