أمراض نقص المناعة الأولية هي مجموعة من الاضطرابات المناعية المتعددة الناتجة في الغالب عن عيوب وراثية تؤدي إلى عوز معين في نظام الدفاع ضد الجراثيم، مما يجعل جسم الإنسان أكثر عرضة للجراثيم التي يمكن أن تسبب حالات عدوى متكررة، وتعد هذه الأمراض منتشرة في المملكة العربية السعودية، الحد الأدنى لتقدير الانتشار لجميع أمراض نقص المناعة الأولية هو 7.2 في 100.000 من الأطفال السعوديين. هذا الانتشار هو واحد من أعلى المعدلات في العالم، يفسر جزئيًا بالمعدل المرتفع من زواج الأقارب مما يؤدي إلى وفرة الأمراض الوراثية لدى السكان السعوديين، هذا يؤكد على أهمية التشخيص المبكر والتدخل العلاجي خلال برنامج الفحص المبكر فهو ذو فائدة كبيرة لمرضى نقص المناعة الأولية في تحديد الحالات مبكرًا، ويؤدي إلى تسجيل فعال للمرضى في برامج العلاج قبل حدوث عدوى تهدد الحياة. يقوم قسم طب الأطفال بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بمتابعة مرضى نقص المناعة الأولية منذ افتتاحه، ونحن الآن أكبر المراكز في المملكة العربية السعودية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي توفر الرعاية الكاملة لمرضى نقص المناعة الأولية وتشمل الرعاية زراعة الخلايا الجذعية، و في العام 1984م تمت أول زراعة للخلايا الجذعية في المملكة العربية السعودية لمرض نقص المناعة الأولية (متلازمة Wiskott - Aldrich) في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، وعلى مر السنين ارتفع عدد زراعات الخلايا الجذعية بشكل مضطرد وفي العام 2017م، وقد بلغ الذروة إلى 39 حالة يمثل 38 % من جميع حالات زراعة الخلايا الجذعية للأطفال في المستشفى. تختلف وتتفاوت العلامات والأعراض لدى المرضى المصابين بنقص المناعة الأولية حسب نوع اضطراب نقص المناعة الأولية، لكن إحدى أكثر العلامات شيوعًا هي تزايد قابلية الإصابة بالعدوى فتكون الإصابة بالعدوى أكثر تكرارًا أو أطول أو يكون علاجها أصعب، وقد تشمل العدوى الإصابة المتكررة بالالتهاب الرئوي، أو التهاب الشعب الهوائية، أو عدوى الجيوب الأنفية، أو عدوى الأذن، أو التهاب السحايا أو التهاب الجلد، كما قد يصاب مريض نقص المناعة الأولية بعدوى من المرجح ألا يُصاب بها شخص يتمتع بجهاز مناعي سليم والتي تعرف بالعدوى الانتهازية، وتوجد أعراض أخرى أقل شيوعًا قد تشمل اضطرابات الدم مثل انخفاض عدد صفائح الدم أو فقر الدم، مشاكل هضمية، فقدان الشهية، أو الغثيان أو الإسهال المزمن تأخر النمو و تباطؤ التطور، بالإضافة إلى اضطرابات المناعة الذاتية، مثل الذئبة، أو التهاب المفاصل الروماتويدي أو النوع الأول من داء السكري. وبالنسبة للتشخيص، فبما أن هذه الاضطرابات وراثية فإن غالبية الحالات تظهر في مرحلة الطفولة، ووجود تاريخ مرضي عائلي لاضطراب نقص المناعة الأولية عامل مهم يزيد احتمال الإصابة به، ويتم التشخيص بأخذ التاريخ المرضي للأعراض والفحص السريري بالإضافة إلى التقييمات المختبرية الأساسية تليها التقييمات المختبرية المتقدمة بحسب الأعراض والتقييم السريري، والتشخيص المبكر والعلاج قد يمنع العدوى التي قد تسبب مشاكل طويلة الأجل للمرضى، ونظرًا لأن اضطرابات نقص المناعة الأولية تختلف في الأعراض وشدة المرض فلا يوجد علاج موحد، تتراوح العلاجات من الحاجة إلى المضادات الحيوية للوقاية من العدوى حتى الحاجة لزراعة الخلايا الجذعية في الحالات الشديدة. اتخاذ الاحتياطات للوقاية من العدوى أمر ضروري، ومنها الحفاظ على النظافة بغسل اليدين والعناية بالأسنان وشرب الماء الصالح للشرب فقط والابتعاد عن الأفراد المصابين بنزلات البرد أو غير ذلك من الأمراض المعدية وتجنب المناطق المزدحمة واتباع العادات الغذائية السليمة وأخذ اللقاحات اللازمة. أخيراً، ينبغي لنا التذكير بأنه يمكن التحكم بأمراض نقص المناعة الأولية وتحسين نوعية حياة المرضى بالتشخيص والعلاج المبكر، هذا يتحقق بزيادة الوعي الصحي لأمراض نقص المناعة الأولية لدى المجتمع عامة ولدى العاملين في المجال الصحي خاصة. * قسم طب الأطفال