أُعلنت يوم الثلاثاء الماضي الموافق 18 ديسمبر الجاري، الميزانية العامة للدولة للعام المالي القادم 1440 / 1441 (2019)، والتي تضمنت للعديد من البرامج والمبادرات التي ستعمل في مجملها على الارتقاء بأداء الاقتصاد الوطني من جهة والارتقاء بأداء المالية العامة للدولة من جهة أخرى، بما في ذلك التحسين من مستوى الخدمات العامة المقدمة للمواطنين والمقيمين في المملكة. وكما هو المعتاد في كل عام مالي ظَهرت أرقام الميزانية للعام المالي القادم بمستوى وحجم انفاق يُعد الأضخم في تاريخ المملكة والذي قدر بمبلغ 1,106 مليار ريال، بزيادة مقدارها 7.3 في المئة مقارنة بتقديرات العام المالي الحالي (2018). كما وقد قدرت الإيرادات المتوقعة للعام المالي القادم بمبلغ 975 مليار ريال، بزيادة مقدارها 9 في المئة عن المقدر للعام المالي الجاري (2018). وكالمعتاد وكما عودتنا الدولة بحرصها الشديد على رفاهية الموطن والذي بمقتضاه تم تخصيص معظم الإنفاق في الميزانية للصرف كل ما له علاقة ومساس مباشر بحياة المواطن ورفاهه الاجتماعي، وبما يكفل له مستقبلاً مشرقاً وحياة كريمة، حيث قد تم تخصيص ما نسبته 45 في المئة (497 مليار ريال) من حجم الانفاق للصرف على التعليم والصحة والتنمية الاجتماعية وخدمات البلديات والتجهيزات الأساسية والنقل. ولعل اللافت للانتباه في إعداد الميزانية، أنها أعدت بمنهجية متكاملة للغاية ومترابطة فيما بين أجزائها المختلفة، حيث على سبيال المثال رغم تركيز الانفاق على المشروعات والبرامج الرئيسة التي لها علاقة وكما ذكرت ومساس مباشر بحياة المواطن، إلا أنه لم يتم عند إعداد الميزانية إغفال الجوانب الفنية والمحاسبية بما ذلك الحوكمة المرتبطة بتعزيز مستوى الشفافية والإفصاح، وكفاءة الإنفاق وتعزيز مستوى الإيرادات غير النفطية، وكذلك التحسين من كفاءة تحصيل الدولة لإيراداتها المختلفة، كإيرادات الزكاة والدخل، والإيرادات المحصلة من الجمارك والموانئ وإلى غير ذلك من الإيرادات والرسوم بما يحقق الاستدامة والاستقرار المالي. كما وأن استمرار الدولة في فرض الضرائب المختلفة مثل ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية، والضرائب على الدخل والمكاسب الرأسماية وغيرها من الضرائب، سيساعد بشكلٍ كبيرٍ جداً على تنمية الإيرادات غير النفطية، لا سيما وأنه يتوقع تحقيق مبلغ 183 مليار ريال من الضرائب المختلفة العام المقبل . أختم القول، إنه وعلى الرغم من الميزانية للعام المقبل، ميزانية توسعية في جانب الإنفاق، إلا أن جميع المؤشرات المالية الأخرى ذات العلاقة بالميزانية للعام المقبل، يتوقع لها أن تحافظ على معدلات نمو جيدة اقتصادياً ومالياً، مثل نمو الناتج المحلي الحقيقي، الذي يتوقع له أن ينمو بنسبة 2.6 في المئة، وأن يبلغ العجز المالي مبلغ 131 مليار ريال، في حين يتوقع أن تبلغ نسبة العجز إلى الناتج المحلي الإجمالي 4.2 في المئة.