تشهد الشركات المدرجة في السوق السعودي، حراكاً غير مسبوق، يقترب من حد "الظاهرة"، تمثل في قيام مساهم أو مجموعة مساهمين في شركة ما، يملكون 5% وأكثر من أسهمها، بالتقدم بطلب عقد جمعية عامة للمساهمين، للنظر في عزل أعضاء مجلس إدارة الشركة الحاليين، وانتخاب مجلس إدارة جديد. حيث إن مثل هذه الطلبات، لم تكن موجودة بكثرة في وقت سابق، وأنها بدأت تمارس حسب الأنظمة والتشريعات في الفترة الماضية، في إشارة إلى رغبة مساهمي الشركات، في أن يكون لهم صوت مسموع في صنع القرار، وهي خطوة بحسب متخصصة ستسفر عن جيل جديد من المساهمين، لن يلقي بعد اليوم، باللوم على هيئة السوق المالية، عند حدوث أمر مؤثر للشركة، ك"تراجع" الأرباح، أو زيادة الخسائر، كما كان يحدث في السابق، مؤكدة أن هذا المشهد يعزز مبادئ الحوكمة في الشركات المدرجة. وعلا صوت المساهمين في شركات مدرجة بالسوق السعودي، مثل "اللجين" و"نماء للكيميائيات" و"سبيماكو الدوائية" وغيرهم، حيث طالبوا بعقد الجمعية العمومية في تلك الشركات، لمناقشة أمور عاجلة، تحدد استراتيجية عملها ومسارها، من بينها الرغبة في إحلال مجالس الإدارات بتلك الشركات. ووصفت نورة الجندل المتخصصة في التزام الشركات في التشريعات واللوائح، المشهد العام لكثرة طلبات عقد الجمعيات العامة للشركات المدرجة، بأنه "سابقة تاريخية هي الأولى من نوعها في سوق المال السعودي، تشير إلى تطور نوعي في وعي المساهمين بأهمية أن يكون لهم دور ملموس في مراقبة شركاتهم، والمشاركة في إدارتها". وقالت: "يجب في البدء الإشارة إلى أن نص المادة 90 من نظام الشركات، يمنح المساهمين الذين يمثلون على الأقل 5 % من رأس مال الشركة، الحق في طلب اجتماع للجمعية العامة للشركة، كما أن النظام ذاته منح كل مساهم الحق في رفع دعوى المسؤولية المقررة للشركة على أعضاء مجلس الإدارة، إذا كان من شأن الخطأ الذي صدر منهم الحاق ضرر خاص به". مضيفة "مثل هذا الحق، لم يكن المساهمون يمارسونه بشكل كبير في وقت مضى، ولكن يبدو أن الأمور تغيرت كثيراً، فنحن اليوم أمام جيل جديد من المساهمين الواعين، الذين يؤمنون بقدرتهم على المشاركة في صنع القرارات التي تخص شركاتهم". وأشارت الجندل إلى بوادر هذا الحراك انطلقت من شركة "اللجين"، وذلك باتحاد المساهمين فيها، لتفعيل مفهوم الحوكمة على أرض الواقع، والحصول على مقاعد في المجلس الجديد. وقالت: "انتقل هذا الحراك لباقي المساهمين في الشركات الأخرى، الذين أدركوا أهمية التصويت، وحضور الجمعيات العمومية، وممارسة دورهم عن طريق التصويت الالكتروني". وتتابع "في السابق كان المساهمون يلقون باللوم على هيئة السوق المالية، عندما تتراجع أرباح شركاتهم، أو تتكبد الخسائر، أو أي شيء من هذا القبيل، أما اليوم، فأرى أن الوعي قد زاد، وثقافة المشاركة في صنع القرار، بدأت تنتشر بين هذا الجيل من المساهمين، ساعد على ذلك أن التشريعات والأنظمة كفلت لجميع المساهمين حق اختيار أعضاء مجلس الإدارة، بل إنه يحق لكل مساهم ترشيح نفسه أو ترشيح شخص آخر أو أكثر لعضوية مجلس الإدارة، وذلك في حدود نسبة ملكيته في رأس المال، ويجوز إعادة انتخاب المجلس ما لم ينص نظام الشركات على غير ذلك، كما يجوز عزل مجلس إدارة شركة ما أو أعضاء فيها، إذا تقدم مساهمون يملكون مجتمعين أو منفردين 5 % بخطاب يطلبون فيه عقد جمعية عمومية، مع ذكر البنود التي يرغبون بعرضها للتصويت". واستبعدت الجندل أن يسفر هذا الحراك، عن إحداث فوضى داخل الشركات المدرجة، عبر إحلال مجالس الإدارات فيها، واستبدالها بأخرى جديدة. وقالت: "هذا الحراك يكشف عن رغبة صادقة لسماع صوت المساهم، ومشاركته في اختيار مجلس الإدارة، والتصويت على اختيار مراجع الحسابات والاطلاع على العقود ذات المصلحة المباشرة وغير المباشرة، وما إلى ذلك من حقوق، تتضمنها الجمعية العمومية"، مبينة أنه "إحلال مجلس إدارة الشركة، لا يعني وجود مشكلات في المجلس الحالي، وإنما قد يكون الإحلال نتيجة الاقتناع بوجود مجلس آخر، لديه خطط واستراتيجيات وخبرات أكثر انفتاحاً من المجلس القديم وقد تخدم الشركة بصورة أكبر". وأضافت: "ممارسة المساهمين لحقوقهم، يعزز مبدأ "الحوكمة" في الشركات المدرجة، هذا المبدأ لطالما طالب به المختصون، للحفاظ على منجزات الشركات، وزيادة فعاليتها واستدامتها". وقالت: "هناك ضرورة لتطبيق مفهوم الحوكمة في الشركات، وأعتقد أن استخدام المساهمين لحقوقهم، يعزز هذا الجانب، ويمنع إحالة الأمر إلى جهات تنظيمية أخرى، لتقوم بهذا الدور، خاصة أن الجهات التنظيمية قد نظمت هذا الموضوع، وأصدرت لوائح واضحة توضح حقوق المساهمين وما لهم وعليهم". وتطرقت نورة الجندل إلى أهمية تفعيل قسم شؤون المستثمرين لدى الشركات. وقالت: "قامت "تداول" بإصدار دليل أفضل الممارسات في مجال علاقات المستثمرين، علماً بأن هيئة السوق المالية قد أشارت في بيان سابق لها إلى أنها ستعمل بشكل دوري على تقييم مدى الحاجة إلى إلزامية الشركات المدرجة باستحداث وظيفة لعلاقات المستثمرين، وفق مهام ومسؤوليات محددة؛ وذلك اعتماداً على نتائج تقييم مستوى فاعلية هذه الوظيفة لدى الشركات المدرجة خلال الفترة القادمة". عع