أشعر أن وعيا كونيا جديدا يتشكلُ باتجاه حياةٍ، يستعيد فيها الإنسان وعيه وإدراكه بأنه مجرد جزء من كل؛ استخلفه الله في هذه الأرض لإعمارها لا لخرابها، لإشاعة العدل فيها لا لاستعباد عبادها. يفسر تكوين هذا الوعي، تلاقي عقول تستشرف المستقبل برؤى متشابهة دون سابق معرفة. يتبادلون بينهم الأحلام، وتتلاقح أفكارهم؛ مما يولد طاقة إيجابية إبداعية، تبحث عن بدائل حضارية تحقق الهدف الأسمي من الوجود. تتحول فيه البشرية من التطاحن والحروب إلى حضارة تُبنى على التآلف والتآزر والرعاية. تولد وعيا يدرك ما لم يكن ممكنا إدراكه من قبل. وهل كنا مستعدين أو متخيلين، أن نتحول إلى قرية كونية كبيرة تربطها الشبكة العنكبوتية من أدناها لأقصاها! في كثير من الأحيان قد لا نكون مؤهلين لتفهم أبعاد هذه "الطاقة" وتبعاتها النفسية/ الفكرية أو الروحانية أو حتى العاطفية. وقد يُعطى لهذا "الناتج" تأويلات مُتشككة، فتتبدد هذه الطاقة الإيجابية المبدعة وتذهب هباء. هل هو قصور في الفكر ذاته؟ أم أنه قصور في مناهج التعليم المستمدة من ثقافة مجتمعية، تُحجِّم مدارك العقل، وتُضيق عليه مجالات البحث، وتخلق فيه الريبة من التفكير والتساؤل، بل وقد يُقصى ويُعاقب إن فعل. ليجد نفسه غريبا عن عالم المعرفة، متوجسا، مترددا في البحث عن معطيات النفس البشرية. جاهلا بأدوات اكتشاف أسرار الكون، متشككا في اكتشافات الآخرين، متمسكا بخرافات موروثة. تحضرني الآن تلك الاتجاهات المنبثقة حاليا على مستوى العالم في محاولةٍ لفهم الإسلام، وتلمس حقيقة قِيَمه العالمية للبشرية جمعاء، لاتخاذها قاعدة الانطلاق لهذا الوعي الكوني الجديد. ويبدو أن الطاقة الدافعة لها أقوى من المعوقات التي نضعها نحن المسلمين في وجه هذه التوجهات الإيجابية. ولا يقف في وجه هذه الطاقة مثل عقل تشبع في تنشئته البيئية بذهنية الغلو والتطرف والانغلاق. وأستعير هنا ما غرد به الدكتور علي القبيسي في تويتر 8/ 10/ 2018 "العقلُ المثقل بحمولات الغلو والتطرف؛ يتعذر عليه إدراك/ التصالُح مع متغيرات الحاضر! فيهرب من عجزه الإدراكي إلى تخريب/ مقاومة الواقع، واعتراض الوعي وأدواته!"