بداية لابد أن نعرف أن المعنى والسبك والحبك أساس في كل شعر، وليس في ترديد التراكيب وضعف المعنى سوى نفور المتلقي، فالتكامل فيه رضا وقبول حتى ولو كان في بيت واحد. يقول الشاعر: ألا ياوجودي وين أبلقى القصيد الزين عمسنا قصيد الناس من كثر ترديده ترى الشعر حبك وسبك ماهوب آن و إين يازين القصيد الزين لو كان تغريدة وفي العشر السنوات الأخيرة طرأت على الساحة مستجدات كثيرة، بل طرأت على المجتمع كذلك من حيث السرعة والتغير في التلقي والعطاء الأدبي والشعري، وهذا التغير بدا واضحاً في العلن ولم يكن له صفة الخصوص بل أخذ صفة العموم والظاهرة. هذا التغير يتلخص في ما يمكن أن يطلق عليه "السرعة " والاختصار والإيجاز في كل شيء تقريباً ولم يعد الوقت ملك صاحبه بل تتنازع ظروف الحياة كلها لتختطف الأوقات. وبما أن الشاعر طير مغرد على غصن مرتفع يرى بإحساسه ومشاعره من مكانه الرفيع ما يحفز عنده داعي المشاركة فإنها تغلبه مظاهر الحزن والفرح أو السعادة أو القبول أو الرفض، وبناء عليها يشارك بالتغريد معبراً عن ذلك الشعور لكل من حوله. ولقد كان الشعراء لا يكتفون بإيصال الفكرة مقتضبة مختصرة في بيت أو بيتين، رغم أنه عليه أسهل وأسرع وأهون، لكن يرون أنه بقدر ذلك الشعور يكون طول القصيدة وبقدر بلاغة شاعرها تتوالى الصور الفنية فيها والمعاني، ولم يكن الشاعر يرضى بالقليل من الأبيات في قصيدته، حتى إن المتلقي أيضاً في زمن مضى لا يسمح للشاعر أن يرسل قصيدته على شكل برقيات مبتورة وتغريدات، وإن كان المعنى فيها مكتملاً، وفي الوقت نفسه يعترف بوجود البيت الجيد الذي يجمع خلاصة القصيدة ويسميه "بيت القصيد"، ولكنه لا يكتفي به، فعذوبة القصيدة في تتابع أبياتها وإشباعها للمعاني واستجلابها للبيان في فصيح كلماتها وفنياتها وتناغم تراكيبها وسبكها. وهذا كله لا يأتي في تغريدة مختصرة وبيتين مهما كانت بلاغة وبيان البيتين. وإذا كانت الطيور لا تتذكر تغريداتها على أغصان الأشجار، وإن تذكرتها وقتياً فإنها سرعان ما تنساها وتنسى مواقعها من كل غصن وورقة، وهي إلى نسيان المناسبة التي تأتي مع إشراقة كل شمس وغروبها وكل لحظة فرح وسعادة أسرع وذلك لكثرتها، فإن الشاعر هو أيضاً طير مغرد. ومن هنا نقول: إن التغريدات أحدثت وستحدث ضرراً كبيراً في المجال الشعري على القصيدة وعلى الشاعر وأسلوبه المستقبلي، فالتغريد استهلاك للفكرة وتبديد للمعنى دون إشباع له حتى إنه قد يصل بالشاعر المتمكن إلى الوقوف في الخطوة الأولى التي يصطف معه المبتدئون ويعتاد على ذلك ولا يميز المتلقي فوارق بينهم. وتبقى القصيدة الطويلة أكثر إشباعاً للمعنى وأشمل في بيانها وبلاغتها، وفرصة لإبراز مقدرة الشاعر على حبكها. يقول الشاعر سلطان بن نايف الروقي خل الدعاوي يارفيقي سهالات والله مابه شي يجرح ويقهر ريح ضميرك لاتفكر فالازمات الهم ليا شلته مع الوقت يكبر لاتكترث من هرج عاذل وشمات من كان قد القول فالوجه يظهر لاتلتفت لوتسمع اصوات واصوات واصل ولا تشتاط من حس الاغبر كثف جهودك وانت قد المهمات وعانق سماء الابداع ياطير واشهر الناس مايعطونك الا لأجل هات واكثرهم يشوفون حسنتك منكر لانك وصلت يلحقونك ملامات ولانك قدرت وغيرك يقول مقدر ولانك كسبت بيجيك منهم عداوات ولانك برزت اسمك على كل منبر ولانك تجاوزت المحن والصعوبات ولانك شهرت تحط من تحت مجهر حتى قال حنا بوقتٍ فيه حتى العلاقات من غير وجه لوجه كل يوم تكثر اغلب علاقتنا علاقة قروبات تسلم ومن يقرا وتعذر وتنذر الوقت هذا غير عن كل الاوقات مدري عنه واللي على قوله أقدر التغريدات ستحدث ضرراً في الشعر ناصر الحميضي