تلوح في أفق سماء الكرة السعودية فرصة تاريخية نحو تغيير معالم الكرة وخارطتها وفتح الباب المغلق نحو العالم من خلال انطلاق أبطالنا نحو الاحتراف الصحيح في أهم دوريات العالم. حصول منتخبنا السعودي للشباب على كأس القارة الصفراء التي تشكل مساحتها قرابة نصف الكرة الأرضية إنجاز هام جداً وخطوة كبيرة نحو الهدف الذي سينقل كرتنا إلى مصاف العالمية، إذا ما استثمر هذا الإنجاز على النحو الصحيح. بعد قرابة الستة أشهر سيخوض هذا المنتخب المدجج بالمواهب غمار كأس العالم للشباب تحت 20 عام، والذي سيقام في بولندا، وعادة مثل هذه البطولات تكون محط أنظار كبار أندية العالم كونها بطولة ولادة للنجوم، وصقل النجم في هذا العمر بالتحديد يعتبر فرصة ذهبية للحصول على نجم واعد بسعر منخفض ويمكن الاستفادة منه سنوات طويلة أو استثماره في المستقبل. والأندية العالمية تستهدف مثل هؤلاء النجوم في هذا العمر المبكر لتصقل موهبته وتغطي نقاط الضعف فيه من خلال فئاتها السنية ليكون بعد موسمين على الأكثر جاهزاً للدخول والمنافسة على مقعد في خارطة الفريق الأول. إذا وضعنا هذا المشروع كمشروع كرتنا الأول بعد أن نختتم مشاركتنا القارية في الإمارات في يناير سنحقق بإذن الله الهدف المرجو منه، ونعمل كلنا كمنظومة رياضية نحو هذا الهدف ونكرس كافة جهودنا من أجل دعم هذا المنتخب الصاعد الواعد البطل، وإذا ما غذينا بالنجوم الشبان روح الإصرار وتقديم كل ما لديهم من أجل شعار الوطن أولاً ومن أجل البروز للحصول على الفرصة التاريخية فإننا حتماً سنقطف ثمرة هذا المشروع النجاح. هناك في إندونيسيا رأينا أكثر من نجم بإمكانه اللعب في الدوري السويسري أو الهولندي أو البرتغالي أو البلجيكي، وهذه الدوريات بالتحديد ستصقل موهبة النجم وستزيد من لمعانه وستقدمه نحو أقوى بطولات العالم كون أنديتها تحصل على فرص في أقوى بطولة كروية، وهي دوري أبطال أوروبا «دوري النجوم» والشهرة والمال والاحتراف. لنأخذ بعض الأمثلة العربية الناجحة، وليكن «الفرعون» المصري محمد صلاح أولها، بدأ مسيرته الكروية في نادي اتحاد بسيون قبل أن ينتقل إلى فريق طنطا ومن ثم المقاولون العرب، وبروزه في مباراة ودية قاده إلى ارتداء شعار بازل السويسري الذي صقل موهبته وقدمه إلى العالم من بوابة تشيلسي الإنجليزي ومن ثم فيورنتينا وروما الايطاليين قبل أن يتجه إلى ليفربول ويصبح أحد أهم اللاعبين في العالم اليوم، والحال نفسه حال مواطنه محمد النني الذي بدأ في الأهلي المصري ولكن لم يجد فرصته لينتقل إلى المقاولون العرب ومن بوابة المقاولون احترف في بازل السويسري الذي قدمه إلى أرسنال الإنجليزي، وكذلك اللاعب الجزائري هلال سوداني الذي بدأ مسيرته في الجزائر في نادي أولمبي الشلف قبل أن ينتقل إلى الدوري البرتغالي، ويلعب ليفيتوريا غيراميس ومنها إلى دينامو زغرب الكرواتي، واليوم هو محط أنظار عدد من الأندية الإنجليزية التي ترغب في الاستفادة من خدماته. الفرصة ستأتي واللاعب السعودي لا تنقصه الموهبة ولا السرعة ولا البنية الجسدية الجيدة، ولكنها لم تقدم له بالطريقة الصحيحة التي يبدأ فيها من عمر مبكر أن يشارك في الدوريات الأوروبية المتقدمة كروياً، ومن ثم ينتقل من نادٍ إلى أعلى حتى يصل إلى مصاف أبرز الأندية العالمية. من المنتظر من الأندية أن تدعم نجومها الصغار في العمر الكبار في العطاء وأن تساهم مع الهيئة العامة للرياضة في حث وتقديم نجومها إلى الاحتراف الذي سيعود أولاً وأخيراً بالفائدة على الكرة السعودية عامة والمنتخب السعودي خاصة، ومع مرور الوقت سيعود بعض هؤلاء النجوم ليشكلوا إضافة أكبر إلى دورينا مما سيرفع من المستوى الفني لكرتنا. المشروع الذي بدأه معالي المستشار بالديوان الملكي رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة في الموسم الماضي من خلال منح بعض أبرز النجوم الفرصة في أكبر دوريات العالم، اليوم يجد أمامه فرصة تاريخية ليقدمه بصورة أفضل وطريقة أميز وأنجح، والكل يثق أن معالي المستشار سينتهز هذه الفرصة ليحقق أحد أهم أهدافه في مشروع تطوير الرياضة السعودية. هذا الجيل المميز يحظى باهتمام كبير من سمو ولي العهد الأمين الذي استقبل النجوم الكبار وتحدث معهم وطالبهم بالمزيد من التميز، وأكد أن الإنجاز القاري هو بداية، وهذا الاستقبال دليل اهتمام من القيادة العليا في البلاد بشباب الوطن، وولي العهد هو الداعم الأول للحراك الرياضي الكبير وسيسعى جاهداً نحو تطوير الرياضة بشكل أكبر، عليه يجب أن يقف الجميع صفاً واحداً مع هؤلاء النجوم ليكونوا غداً في أعرق وأقوى أندية العالم، وهذه هي صناعة الرياضة الحقيقة.