هناك ثلاث حقائق يجب أن يعيها الجميع بخصوص قضية جمال خاشقجي: * الأولى: أن ما حدث في القنصلية أمر فظيع وخطير وجريمة غير مبررة... * والثانية: أن ما من مواطن سعودي "صغر أم كبر" يوافق أو يؤيد ما حدث له.. * والثالث: أن جمال خاشقجي ليس هو ما يهم أعداءنا، بل استغلال قضيته لخدمة أجندات مسبقة ضد المملكة.. ليس أدل على الحقيقة الأخيرة من قتل واختفاء 65 صحفياً عالمياً خلال 2017 بحسب "صحفيون بلا حدود" دون إثارة ضجة مشابهة.. ليس أدل على ذلك من إغلاق 80 مؤسسة إعلامية واختفاء 50 صحفياً تركياً منذ محاولة انقلاب 2016 دون أن تثير قضيتهم أحداً.. ما حدث لجمال خاشقجي جريمة اعترفنا بها، ووجهنا فيها التهم، وطالب نائبنا العام بالإعدام لخمسة منهم.. كنا شفافين في تحقيقاتها واتهاماتنا، في حين لم يقدم "غيرنا" أدلة وقرائن وتسجيلات طالما زعموا امتلاكها. خبراء القانون يعرفون أن التحقيق وجمع الأدلة، والإدانة وتوجيه الاتهامات هي بطبيعتها إجراءات طويلة ومعقدة.. ولكن هذه القضية بالذات أنجزت في وقت قياسي، وتضمنت مناصب كبيرة ظن البعض أنها في مأمن من التهمة والإدانة.. في قضية سجن أبو غريب تطلب الأمر 52 يوماً كي تعترف أميركا بما حدث وخمسة أشهر كي توجه التهم - ووقتاً أطول كي تقرر العقوبات.. وفي نفس اليوم الذي أدلت فيه النيابة السعودية بتصريحها الأخير، أعلنت وكالة الأناضول عن انتهاء تركيا من التحقيقات في مصرع السفير الروسي السابق أندرية كارلوف "رغم أنه قتل منذ ديسمبر 2016 أمام شاشات التلفزيون".. التصريح الذي أدلت به النيابة السعودية يوم الخميس الماضي كان حاسماً وقاطعاً وأكثر صراحة ووضوحاً مما توقع معظمنا.. أشادت به الخارجية الفرنسية والأميركية ووسائل الإعلام المحايدة - في حين لا يبدو أن هناك شيئاً يرضي من يعادي المملكة أصلاً.. نعرف أن الحملات المسيئة ضدنا لن تتوقف أبداً، ولكن من يقودونها لا يعرفون أن تكرارها يزيدنا تماسكاً وصلابة - بل وقناعة بأن الشجرة المثمرة فقط من تقذف بالحجارة.. يمكن لقناة الجزيرة والواشنطن بوست والصحف التركية كافة تكرار اتهاماتها حتى نهاية القرن؛ ولكن بالنسبة لنا القضية انتهت يوم الخميس الماضي بتوجيه الاتهامات، والمطالبة بإنزال أشد العقوبات، وإعلان أسرة خاشقجي لأول مرة قبولَ العزاء في ابنها الشهيد.