شاهدت مؤخرًا عملاً فنياً للفنان أحمد العنقاوي وكان العمل عبارة عن كرة أرضية مركبة من مكبرات الصوت (المايكروفون) كان العمل يرمز إلى سهولة التواصل حول العالم حيث أن كل الأصوات مسموعة من جميع أنحاء العالم، يمكنك الآن إيصال صوتك ببساطة من خلال مواقع التواصل لسهولة توفرها واستخدامها، العالم أصبح قرية واحدة وهذا ما يجسد العولمة في عمل بسيط يرمز إلى ما هو أعمق، وهنا أسرد تأملاتي حول هذا الانتشار الهائل حيث إن الفكرة يستطيع أن يقرأها ملايين الأشخاص في الوقت ذاته الذي تكتبها فيه لا تحتاج إلى زمن وجهد كي تصل، حيث إن القضايا الإنسانية صارت واحدة والأصوات تتآزر من كل مكان، في الوقت ذاته يتفاعل معها ملايين الأشخاص حول العالم، فلم يعد يتطلب الأمر أكثر من جهاز بحجم الكف بإمكانك السفر حول العالم من خلاله. يقول الكاتب الإيرلندي مايكل كولنز أن الأشخاص في المستقبل سيتصرفون بشكل طبيعي لمدة خمس عشرة دقيقة وسيصبح لديهم جنون التميز بحيث أنهم لا يقولون أسماءهم بل: hello I›m special في عصر الانتشار الهائل تتضاعف المشاكل مثل التنمر وانتشار الاكتئاب والشعور بعدم الاكتفاء وعدم التأقلم، تصبح إثارة المشاكل فعلاً مختصراً للحصول على الشهرة، ستصبح تصرفات الناس لمجرد الظهور ولفت الانتباه، ولم يتوقف الأمر على ذلك أصبح زمن السرعة في كل شيء، بعد أن كان الناس يهتمون بأدق التفاصيل في قراءة الكتب والمجلدات، أصبح الناس لا يمكنهم قراءة مقالة مكونة من نصف صفحة، يتصفحون الفكرة بأسرع ما يمكن يقتبسون الأهم بشكل سريع يوّصلّون الأفكار بابسط الكلمات في 140 حرفًا، امتد هذا الأثر حتى على التعليم فمثلًا الاختبارات الواجبات عن طريق الإنترنت، وكذلك لا توجد أسئلة مقالية تحتاج للكتابة، وفقد الخط هيبته وقلّت وظائف الخطاطين وربما انعدمت، والأشخاص لا يجيدون الكتابة باليد بسبب ذلك التأثير الإلكتروني، وأثر ذلك حتى على الصحة في انتقاء المأكولات أصبح الناس يعتمدون على الأكلات سريعة التحضير بدون عناية، وتضاعف الاستهلاك دون حاجة، كذلك المبالغة في عمليات التجميل والاستعراض، الناس تقوم بعمل أي شيء لمجرد أن تصبح محور الحديث ومحل الاهتمام، ستصبح الكماليات بؤرة الاهتمام وتتحول إلى ضروريات رغم عدم أهميتها، رغم الفائدة التي حققتها التكنولوجيا وبرامج البث المباشر في إيصال الفائدة وتقديم العون للآخرين وتسهيل المعاملات الرسمية، إلا أنها مخيفة بذات القدر المفيد، والمستفيد الأكبر من هذا كله هي الجهات التي تحقق أرقام ونسب عالية من الإعلانات بسبب إثارة الرأي العام والشوشرة التي تحدثها أصوات مختلفة حول العالم، يخيفني المستقبل حيث إنني أتساءل بعد كل هذا ما الذي سيحدث تاليًا؟ Your browser does not support the video tag.