البنوك في المملكة العربية السعودية لديها ميزة تنافسية تجعلها من أكثر البنوك في العالم تحقيقاً للأرباح حيث إنها تستفيد من الودائع غير المكلفة التي تشكل حوالي 62 % من إجمالي الودائع ولذلك فإن أي رفع للفائدة يصب في مصلحة البنوك وخصوصاً البنوك التي لديها نسبة كبيرة من الودائع غير المكلفة مثل مصرف الراجحي والبنك الأهلي، كما أن الدولة لا تفرض ضرائب على البنوك وحتى ضريبة القيمة المضافة التي طبقتها الحكومة مع مطلع العام الحالي تطبق على الرسوم البنكية التي تُحمل على العميل وفي حالة إعفاء العميل من الرسوم مثل العملاء المميزين فإن ضريبة القيمة المضافة تسقط عن العميل ولا تُحمل على البنك. تراجعت أرباح البنوك خلال الربع الثالث على الرغم من رفع سعر الفائدة ووصل سعر السايبور إلى حوالي 3.11 للسنة، وكان من المفترض أن ينعكس ذلك إيجاباً على أرباح البنوك ولم يحدث ذلك فعلياً ولعل هنالك أسباب لذلك التراجع، تشير الأرقام إلى أن أهم مصدر لأرباح البنوك هو محفظة التمويل وتنقسم المحفظة إلى قسمين: تمويل الشركات وتمويل الأفراد، لا تستفيد البنوك عادة من ارتفاع أسعار الفائدة مع تمويل الأفراد على المدى القصير إلا في حالات التمويل الجديدة ولكن التمويلات القديمة في الغالب تكون بالأسعار الثابتة ولمدة تصل إلى 5 سنوات ولذلك أثر رفع سعر الفائدة على تمويل الأفراد عادة تكون بطيئة جداً ولا يظهر أثرها إلا بعد مدة، أما تمويل الشركات فالغالب أن الشركات تحصل على التمويل بالأسعار المتغيرة بناء على سعر السايبور ولذلك يكون أثر رفع سعر الفائدة سريعا بمجرد رفع أسعار الفائدة، ولذلك لاحظنا نموا جيدا في الأرباح مع بداية العام الحالي مع نمو تمويل الشركات حيث كانت المحفظة متراجعة بحوالي 1.6 % في الربع الأخير ولكنها نمت بحوالي 0.5 % في الربع الأول 2018 وحوالي 1.5 % وتراجع النمو خلال الربع الثالث إلى 1.1 % وهذا قد يكون أحد أسباب تراجع نمو أرباح البنوك في الربع الثالث بالإضافة إلى الأسباب الأخرى ومنها ارتفاع مخصص خسائر الائتمان الذي ارتفع بحوالي 7 % خلال الربع الثالث مقارنة مع المخصصات في الربع الثاني وجاء الأثر الكبير من بنك ساب حيث ارتفعت مصاريف العمليات بحوالي 42 % عن الربع الثاني يليه البنك العربي بحوالي 22 % ومعظم الارتفاع في المصاريف أتى من زيادة المخصصات بينما تراجعت مخصصات مصرف الإنماء بحوالي 9 % من أجل تعظيم الأرباح بعد أن تراجع دخل العمليات بحوالي 1.6 % وهو البنك الوحيد الذي سجل تراجعا في دخل العمليات للمرة الأولى منذ إنشائه، وأعتقد أن تعظيم الأرباح مقابل خفض المخصصات ليست وسيلة ناجحة وقد يظهر أثرها السلبي في نتائج المصرف في الفترة القادمة، وحصل هذا مع البنك الأهلي حيث خفض المخصصات في الربعين السابقين وارتفعت أرباحه بسبب ذلك التخفيض ولكن الربع الثالث أضطر إلى رفع المخصصات بحوالي 9 % مع أن نمو محفظة التمويل لم يتجاوز 0.8 % وهذا أثر على أرباحه في الربع الثالث وتراجعت بحوالي 5 %. من المتوقع خلال الربع الأخير من العام الحالي والعام القادم ارتفاع طلب الشركات على التمويل البنكي مع إقرار الحكومة لميزانيات توسعية خلال الأعوام الثلاثة القادمة والتركيز في الإنفاق على المشروعات التي تأخرت خلال السنوات الماضية بسبب التراجع الاقتصادي الذي صاحب تراجع أسعار النفط، ومع الضوابط الجديدة التي أقرتها مؤسسة النقد (ساما) في التمويل الاستهلاكي.. متوقعاً أن تتوجه بوصلة البنوك إلى تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة ومع أن مخاطر التمويل مع هذه الشريحة أعلى من تمويل الشركات والأفراد إلا أن العائد التمويلي أعلى، وتتوجه الحكومة إلى دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال توقيع اتفاقيات مع البنوك بشروط أقل تشدداً وهذا قد يكون محفزا للبنوك للاستثمار التمويلي من خلالها وسد العجز في محافظ تمويل الأفراد. مؤشرات السلامة المالية للبنوك السعودية حافظت على نموها هي الأخرى وتعد من أعلى المعدلات العالمية حيث أظهرت البيانات أن معدل كفاية رأس المال الأساسي عند 18.9 % فيما ارتفع معدل كفاية رأس المال الأساسي والمساند عند 20.9 % وهذه النسب أعلى بكثير من معاير بازل 3 التي تطالب البنوك بالالتزام بنسبة 10.50 % بنهاية 2019 وهذا مؤشر قوي على قدرة المصارف السعودية على الاستجابة لمقررات بازل 3 التي أقرت في سبتمبر 2010 بعد الأزمة الاقتصادية في العام 2008. Your browser does not support the video tag.