استوقفني ذات يوم طفلي الذي لم يتجاوز الخامسة عندما قال لأبيه: إن لم تشتر لي هذه اللعبة سوف أذهب لأبحث عن أبٍ آخر يشتريها لي؟ طلبات الأبناء واستجابة الآباء لها إلى أين؟ في المجتمعات النسائية أسمع هذه الجمل من بعض الأمهات «عيالي ما هم أقل من غيرهم»، «حرام ما بي أكسر بخاطره»، «ما بي ولدي يتعقد»، انتشار مثل هذه الثقافة بين الأمهات وتلبية تلك الطلبات مع الظروف والتغيرات الاقتصادية ومعاناة بعض الآباء في توفير المال والبحث عن وظائف إضافية لهم لتلبية رغبات الأبناء وعدم استطاعة بعضهم قول كلمة «لا» لأبنائهم؛ وذلك حتى لا يحرجوهم أو يشعروهم بالنقص، في المقابل عدم إلقاء اللوم على عاتق الأبناء فيما يخص تزايد طلباتهم المادية؛ لأن الواقع من حولهم مليء بالمغريات والدعايات المبهرة، بُغية جذبهم إلى الشراء، حتى لو كان مطلباً غير ضروري. إن الوالدين أصبح همهم إشباع الأبناء من الناحية المادية فقط، وغفلوا عما هو أهم من ذلك، الحاجات الإيمانية والنفسية، وتأصيل عدد من القواعد الصلبة، وكيفية بنائها من الأساس في نفوس أبنائهم منذ الصغر. قال تعالى «لينفق ذو سعة من سعته». فهذا أمر بالإنفاق على الولد بحسب الوسع، والأمر للوجوب. يجب على الآباء والأمهات تحديد الأساسيات والكماليات ما يمكن شراؤه، وما لا يمكن شراؤه. والتوضيح لهم أن ليس بالضرورة ما يمتلكه صديقك تمتلكه أنت، وتوضيح الفوارق الاجتماعية بينه وبين زملائه. لامستني خطبة الجمعة في الأسبوع الماضي لفضيلة الشيخ سعود الشريم - حفظه الله - بعنوان: «ادِّخارُ المال وحُسن تدبيره» في 18- محرم 1440ه تحدث فيها عن أهمية الادخار وأنه وسُلوكٌ اقتصاديٌّ بالِغُ الأهميةِ لاستِقرار الفرد والمُجتمع، معيشيًّا واقتصاديًّا؛ لأنَّ تغيُّرات الحياة لا مناصَ مِنها، فتلك هي سُنَّةُ الله، ولن تجِدَ لسُنَّة الله تبديلًا، لذا كان الحذرُ والحِيطة مِن الأسباب التي حضَّت عليها شريعتُنا الغرَّاء؛ لئلَّا يقعَ المرءُ في ضائِقةٍ تُلجِئُه إلى السُّؤال والاستِجداء المذمُومَين، أو ارتِكابِ كبائِر مُحرَّمةٍ. وواجبنا كمربين غرس قيمة الادخار في نفوس أبنائنا، والتوضيح لهم كيف نحصل على المال ومدى الجهد والتعب من قبل الأم والأب لتوفيره. Your browser does not support the video tag.