الفرع الثاني للترينالي Ray 2018 حمل عنوان: «أقاليم متطرفة Extreme territories» وشارك فيه عدد من الفنانين مثل الفنان الألماني «كريستوف بانجيرت Bangert من مواليد عام 1978» في عمله المسمى «مرحبا الجمل والحرب الإباحية Hello Camel &War Porn «، حيث يطرح تجربته كمصور مغامر بدءاً حين قاد سيارته الرباعية الدفع ستة أشهر مسافة 22000 ميلاً من بوينس أيريس بالأرجنتين لنيويورك مسجلاً ملاحظاته، ثم ترحاله براً لمدة 14 شهراً مع الناشيونال جيوجرافيكال وإصداره لكتاب «أفريقيا براً»، ثم بصفته مصوراً لمواقع الكوارث بالعالم لمدة عقد من الزمان من أفغانستان للعراق لفلسطين للبنان ولما لا حصر له من الدول المنكوبة مراسلاً للنيويورك تايمز، حيث أصدر كتابه الفوتوغرافي: «العراق، الفضاء مابين» وانتهى يعمل حالياً على دراسة الكارثة النووية في فيكوشيما. هذا وينشغل كريستوف في أعماله بمناقشة أخلاقية مفهوم مصور الحرب، وما مدى إنسانية إنجذابنا لمشاهدة كوارث الآخرين، وهل ينتج المصورون الصحفيون ما يمكن اعتباره مواد إباحية لما تحويه من عنف ومتاجرة بالجروح، وهل يقدم المصور الحقائق عارية بدون مهادنة أو مجاملات أم يمارس نوعاً من الرقابة الذاتية. وفي ترينالي فرانكفورت يستكشف بانجيرت الحياة المتطرفة للجنود من الولاياتالمتحدة وبريطانيا العظمى وألمانيا المتمركزين في مناطق الحرب في العراقوأفغانستان، وسعيهم جاهدين من أجل قليل من الحياة الطبيعية وسط فوضى الحرب في مناطق النفي التي انحصروا فيها. وضمن سياق الدمار يأتي المشروع الفني المشترك المسمى Wüstungen، والذي أنجز بالتعاون بين الفنانة «آن هينلين Anne Heinlein» والفنان «غوران غنودشون Göran Gnaudschun» ليركز على ثغرات على الحدود الداخلية بين الدولتين الألمانيتين سابقاً، والذي نتج عنه اختفاء قرى بأكملها على تلك الحدود، وتشمل هذه القرى التي شكلت عائقاً على خط النار وكانت صعبة الحراسة أو قريبة جداً من الحدود، وبالتالي تم تجريفها على الأرض بين عامي 1952 و1988 في ولاية حكومة ألمانياالشرقية. وقد تقصى المشروع فنياً مواداً وثائقية هامة في التاريخ الألماني مغطياً ما يقرب من مائة من المستوطنات المهجورة التي أطلق عليها مسمى Wüstungen الاسم الذي يرمز في مصادر القرون الوسطى للمناطق الاقتصادية المقفرة من المزارع الفردية إلى القرى الكاملة والمتأثرة بهذا الموقع الدرامي على الخطوط الحمراء، الموقع الذي أدى لمايمكن تسميته ب «التصحر البشري Desertification» حيث تفضح الصور الممارسات المأساوية التي اضطرت لها حراسة الحدود سواءً ضد المستوطنين أو ضد البيئة الجغرافية في ألمانياالشرقية. و ضمن هذا السياق أيضاً يجيء مشروع الفنان «قاي تيليم Guy Tillim» من مواليد عام 1962 في عائلة من الأقلية البيضاء بجوهانسبيرج بجنوب أفريقيا، والذي تمحورت تجربته الفوتوغرافية حول استكشاف خصوصية المناطق المضطربة في جنوب الصحراء الكبرى، وغطى الاضطرابات السياسية والاجتماعية هناك كمراسل صحافي متعاون لوكالة رويتر وفرانس برس، ونال عام 2017م الجائزة الشهيرة هنري كارتييه بريسون. هذا وفي ترينالي Ray 2018 قدم قاي تيليم مشروعه المسمى « آفينيو باتريس لومومبا Avenue Patrice Lumumba»، باتريس لومومبا الشخصية التي عبرت خاطفاً في تاريخ الكونغو من يونيو حتى سبتمبر 1960م، لكنها لعبت دوراً كبيراً في تحول الكونغو من مستعمرة خاضعة لبلجيكا إلى جمهورية مستقلة. ولقد قام الفنان تيليم بتصوير الشوارع ومباني ما بعد الاستعمار في المدن الأفريقية، ويفضح في صوره عمائر التحرر تلك والتي تبدو كآثار معمارية كئيبة لخيال يوتوبيا فاشلة. ومع ذلك يسمّيها تليم «ميادين الأحلام»، التي تقف كشواهد على رؤى التحرر السياسي وفي نفس الوقت على فشلها. مشروعات حول الدمار ومقاومة الدمار أثرت ليس فقط الساحة الفنية بفرانكفورت وإنما أيضاً تطلعات المناضلين للفت الأنظار لأهمية العمل الفردي في ضمان مستقبل الأرض وإنسانها. Your browser does not support the video tag.