ليس الحلم الذي يأتيك في المنام بل هو الذي يجعلك لا تنام، نعم هو حقاً كذلك، إنه روح الطموح الذي يدفعه الإيمان بقاعدة حب ما تعمل واعمل ما تحب، إنه الشغف الذي ارتبط بأقصى مراتب العشق لما استثمر الإنسان نفسه ووقته وماله فيه سواءً كان موهبةً أو مشروعاً أو مهنة، وجعله يسعى حثيثاً لتحقيق نجاحاته عبر الكفاح والمثابرة والمغامرات، وتحطيم الحواجز والتحديات، وتجاوز المعاناة والإحباطات. تجسّد الشغف على مر العصور في العديد من قصص النجاح التي برهنت من وجهة نظري أنه اقتصاد غير ناضب يسعى لتوظيف ما لدى الإنسان من قدرات وميول واتجاهات لتحقيق المنجزات النوعية التي تغذي حاجاته الشخصية من جهة، وتحدث الفارق في العلوم والمنظمات والمجتمع والوطن على ضفاف آخر. فلك أن تتأمل على سبيل المثال كيف كان علماء المسلمين يقطعون الأميال من مدينة إلى أخرى سيراً على الأقدام أو على راحلتهم من أجل شغفهم بجمع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لخدمة الدين والمسلمين في ذلك. وانظر إلى قصة الكولونيل ساندرز الذي تولد شغفه في الطهي من رحم معاناة الفقر عندما اضطرت والدته للعمل وتركت له رعاية إخوانه وإعداد الطعام لهم، فبالرغم من تخرجه من الجامعة وعمله كمحامٍ في إحدى الشركات إلا أنه سرعان ما عاد لشغفه الذي امتلأ بحمى التحديات وامتد حتى سن التسعين عاما منتجاً للعالم سلسلة مطاعم شهيرة. ولكي ينتقل الفرد من منطقة الراحة وقوقعة الذات إلى ساحة الشغوفين، أرى ضرورة الانفتاح على مخالطة الآخرين وتحديداً الناجحين منهم، والمشاركة في المناسبات العلمية والأعمال المجتمعية والتطوعية التي تحفز الإنسان وتسهم في توجيه بوصلة ميوله وتولد شرارة الإلهام لديه لتحقيق المجد، خاصةً وأن المملكة تثب بطموحاتها لمستقبل واعد يركن على بصمات أبنائه وسواعده. كما لابد أن يؤمن بذاته ويثق في قدراته، ويعمل على تحديد أهدافه والانتقال بها عبر عملية الشغف من مربع الأحلام إلى ساحة الميدان بتوظيف أدوات الإبداع والتجديد، والتحسين المستمر، والإصرار على الظفر بها من دون الوقوف عند حدود الزمن، فالشغف لا يبالي ولا يكترث لدقات عقارب الساعة. ولاشك أن للأسرة والمدرسة دورا محوريا في الكشف عن ميول الأبناء وتنميتها وتحفيزها بشكل إيجابي وعدم السخرية من أحاديثهم الخيالية التي قد لا تظهر في الوهلة الأولى أنها منطقية. أما على صعيد المجتمعات الوظيفية فحري بها أن تتبنى الشغوفين وتستثمر في أفكارهم ودافعيتهم وذلك في بيئة محفزة تنعم بالممكنات الكفيلة بالخروج من قالب منهجيات الماضي إلى تقنيات الحقبة الجديدة تحت إدارة ترتدي قبعة القيادة الملهمة. ختاماً أقول لكل فرد من لبنات هذا الوطن المتجدد: إذا أردت أن تحجز مقعدك في مستقبل المملكة ومشروعاتها ومبادراتها التنموية، فعليك أن تقبل شرطاً واحداً «لا تعمل إلا مع الحالمين»، لذا.. اتبع شغفك. Your browser does not support the video tag.