إن جاز لي أن ألخص حالتي الذهنية الآن كمواطنة سعودية في كلمة واحدة، فلن أجد أبلغ من كلمة اطمئنان. في خضم زوبعات السياسة الأميركية وتصريحات الرئيس ترمب، ترقب المجتمع السياسي الصديق وغير الصديق موقف المملكة العربية السعودية منها، وقد تعرض لها الرئيس ترمب أكثر من مرة. ناهيك عن محاولات التشويه المغرض، من أكثر من منبع للشر، يحيط بالمملكة ويتآمر. محاولات متلاحقة عبرت عن حقيقتها في حملات متتابعة، سرعان ما يُكشف أمرها وتُحبط مخططاتها ولله الحمد. ومن عاصر منهج المملكة العربية السعودية في سياستها الخارجية، على مدار حقبات زمنية مختلفة، لم تخل من الأزمات وحملات هجوم وضغوط دولية وإقليمية، تباينت دوافعها، لا يستغرب على ساستها الهدوء والتأني في تتبع الأحداث وقت الأزمات، ودراستها بحكمة قبل التفاعل معها. بل وأصبحنا نتوقع هذا المنهج الهادئ الرزين ونراهن عليه؛ انتظارا للتوقيت المناسب الذي تقول فيه السعودية كلمتها. تضع فيها النقاط على الحروف، بوضوح وشفافية. وكانت المقابلة القنبلة خير شاهد. اللقاء الذي عصف بتوقعات الجبناء، وأثلج قلب كل مواطن شريف. اللقاء المطول والمستفيض الذي أجرته بلومبيرغ مع ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان. وقال ولي العهد كلمته بكل هدوء ورباطة جأش، ومجابهة ندية قوية صريحة، لأسئلة لم تخل من شيء من استفزاز صحافي متعارف عليه ومتوقع. أبسط مايمكن أن يوصف به أميرنا الشاب: الثقة والشجاعة والحنكة السياسية، وقد جاءت بمثابة الصفعة المريرة على وجوه من توقعوا عكس ذلك، بل وروجوه وراهنوا عليه. ولستُ من محللي السياسة، ولا حتى من محبيها، وأترك الشأن السياسي عادة للمختصين. فقط كمواطنة، وككل مواطن ومواطنة، تابعت ما كان يبث من اللقاء على مواقع التواصل.. تابعته بشغف وفخر، وبقلب يلهج بالدعاء لأميرنا الشاب، بأن يحفظه الله ويسدد خطاه لما فيه خير هذه البلاد ومواطنيها الذين يعلقون عليه الآمال من بعد الله عز وجل. وترقبت أتساءل مع نفسي، كما ترقب آخرون كلٌ في صمت: ترى هل سيتطرق لهذا الموضوع أو ذاك، بعضها من الموضوعات الشائكة..؟ حتى نشرت بلومبيرغ النسخة الكاملة للمقابلة. تابعتها على النت، وذُهلت.. نعم ذُهلت.. تفاصيل لقاء مرهق لمن يقرأه، فعلا أُرهقت.. فما بالك بمن خاضه مُجيبا.. مُستجيبا.. شارحا سياسة بلاده كولي للعهد، ممثلا ومتحدثا باسم مواطنيه، مُحملا بهموم وآمال ومستقبل وطن يتغير.. يتحول.. وطن ينتقل إلى مستقبل يشع أملا واحتفاء بمنجزات أبنائه وبناته. و ليضع الوطن قدمه على خريطة العالم بكل ندية ورأس مرفوع، برحابة وكرامة. وكما أعلنها ولي العهد بقوة وشجاعة وصراحة: لا يهمني ما يقال عنى أو يوجه لي شخصيا، كل ما يهمني هو مصلحة المواطن ومصلحة وطني . ولا أقتبس حرفيا ، إنه المعنى الذي رسخ في وجداني، إجابة على سؤال كان يمكن أن يحرج أعتى عتاة السياسة، ويدفع بهم إلى مستنقع الدفاع والتبرير. أميرنا الشاب بحكمة متوارثة عبر تاريخ طويل، تفاعل مع الموقف بكل بساطة وأريحية ... سأحتاج بعض الوقت والتأني لقراءة نص اللقاء مكتملا. فهو وثيقة شرف، ترفع رأس المواطن عاليا وتعزز فخره بوطنه وانتمائه . بالنسبة لي .. يغمرني إحساسٌ مفعم بالطمأنينة .. وأبتسم .. وأردد .. وأستوطن وطني من جديد . هنيئا لي بوطني Your browser does not support the video tag.