قال الكاتب والمحلل الاقتصادي عبدالرحمن بن أحمد الجبيري إن الاقتصاد السعودي يعيش هذه الأيام مرحلة مزدهرة كأحد أهم اقتصاديات العالم متانةً وحضوراً محافظاً في الوقت نفسه على الكثير من المكتسبات الفعلية التي تحققت على أرض الواقع ولذلك أتت رؤية المملكة كخارطة طريق وضع مكوناتها وتابع معطياتها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد وزير الدفاع ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ولذلك تعد الرؤية أحد أدق الخطط الاقتصادية مقارنة بالخطط الاقتصادية الأخرى وذلك لكونها أكثر واقعية وتتسم بالمرونة والشفافية والمعايير الدولية في الأداء والتقييم والمراجعات وتغطي جميع محاور المجتمع الداخلي والخارجي ومن هنا نرى اليوم أن محاور رؤية المملكة أصبحت واقعاً وترجمت إلى واقع ملموس حيث تشكلت الفرص الواعدة والكفاءة العالية والتي أكسبت اقتصاد المملكة القوة والمتانة وخلق اقتصاد وتنمية مستدامة ليكون في مصاف الدول المتقدمة حتى أصبحت المملكة عضواً مؤثراً وفاعلاً بالعديد من المنظمات الدولية المهمة من بينها على سبيل المثال لا الحصر، مجموعة دول العشرين G20، ومنظمة التجارة العالمية WTO وغيرها من المنظمات الأممية المهمة والمملكة خلقت قدرة على تنويع مصادر الدخل وبناء اقتصاد صناعي وإنتاجي ذي قيمة مضافة مهمة في منظومة الاقتصاد والتنمية، وعليه فإن رؤية المملكة 2030 أتت لتدعم حيوية الاقتصاد السعودي واستثمار عناصر القوة التي يمتلكها عبر خلق فرص ومبادرات جديدة من شأنها تنويع الاقتصاد وتحفيز الاستثمار حتى باتت تعيد وبشكل إيجابي هيكلة الاقتصاد عبر حزمة من الإجراءات النوعية. وأوضح الجبيري أن الأرقام تقول إن الاقتصاد السعودي الأكبر في الشرق الأوسط هو الأكبر نمواً ويترجم ذلك الأرقام الفعلية وجدوى الإصلاحات الاقتصادية التي تعمل على تنويع الاقتصاد، وتقليل الاعتماد على النفط وخلق الفرص وتوليد الاستثمارات، فاليوم المشهد الاقتصادي بات أكثر حراكاً وتنوعاً، وهناك الكثير من المؤشرات المهمة الإيجابية مثل تلك التي تتعلق بالتطورات النقدية والمصرفية وميزان المدفوعات، بالإضافة إلى تطورات القطاع الخارجي والمالية العامة والقطاعات النفطية وغير النفطية بما في ذلك تطورات أنشطة التأمين والتمويل والسوق المالية ومن المؤشرات الإيجابية تسجيل الناتج المحلي للقطاع غير النفطي نمواً إيجابياً نسبته 1.05 في المئة، وتحقيق الحساب الحالي فائضاً بنحو 57.1 مليار ريال (15.2 مليار دولار) خلال عام 2017 كما ستشهد موازنة العام 2019 أضخم ميزانية في التاريخ الاقتصادي السعودي بملامستها تريليون ومئة مليار ريال. وأضاف "هناك في الحقيقة قدرة عالية على التكيف مع هذا التوجه صاحبه نمو في حجم المشروعات التي سوف يتم تنفيذها خلال السنوات القادمة من قبل القطاع الخاص والقطاع الحكومي والتي تتوزع على كافه مناطق المملكة تقدر بنحو 1.5 تريليون ريال كما أن هناك نموا في حجم الاستثمارات الدولية البينية ومعدلات التبادل التجاري وإسهامات كبيرة في جانب التصدير للسلع الغير نفطية مثل البتروكيماويات والألمونيوم واللدائن ليكون مجموع صادرات المملكة إلى أكبر عشر دول وصل الى ما قيمته 130213 مليون ريال وسجل الميزان التجاري السلعي سجلاً فائضاً بقيمة 340.9 مليار ريال". وقال الجبيري إن تنويع مصادر الدخل غير النفطي يعد أحد الركائز الأساسية ضمن مستهدفات الرؤية وقد تحقق فعلياً هذا الجانب حيث ارتفعت نسبة نمو الإيرادات غير نفطية بنسبة 63 % خلال أربعة أشهر لذلك نجد في المقابل نمواً في الناتج المحلي يصل إلى 2.16 تريليون ريال وهي القيمة الأعلى على الإطلاق التي يسجلها الناتج المحلي، كما أن الناتج المحلي حقق نمواً في الربع الأول من العام الجاري بالأرقام الحقيقية بمعدل 5.9 في المئة ونمواً قدرة 16 في المئة بالأسعار الجارية. وتابع "هناك أيضا نجاح في أداء صندوق الاستثمارات العامة كثروة سيادية بحوافز جديدة للاقتصاد السعودي بإجمالي رؤوس أموال قد تصل لأكثر من 345 مليار ريال تدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال الاستثمار في صناديق رأس المال الجريء وصناديق الملكية الخاصة وذلك من خلال مشاركة القطاع الخاص في استثماراته وسيؤسس صندوق الصناديق لمشاريع الابتكار وريادة الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة مما يخلق كيانات إبداعية تقنية". ولفت الجبيري إلى أهمية المبادرات الاستثمارية التي انطلقت من خلال صندوق الاستثمارات العامة وهو ما أوضحه سموه قائلا "صندوق الاستثمارات العامة تجاوز الآن ال300 مليار دولار، واقتربنا من ال400 مليار دولار، وهدفنا في عام 2020م هو 600 مليار دولار تقريبًا وأعتقد بأننا سنتجاوز هذا الهدف بحلول 2020م". وحول خطة الحكومة السعودية لطرح شركة أرامكو للاكتتاب العام لا تزال كما خطط لها، وسينفذ الاكتتاب العام في التوقيت الذي تختاره حكومة المملكة، وبين الجبيري أن هذا الاتجاه أسهم ويساهم في رفع قوتها وقيمها النفعية على المدى الطويل بالتفكير الاحترافي لولي العهد بالتفكير العقلاني من خارج الصندوق بمدلولات تحمل في طياتها (الأرقام الفعلية) على أرض الواقع وكيف تُنجز، واضعاً المستقبل ضمن سقف عالٍ من الطموحات وفق خارطة عمل مدروسة لتتوالى إنجازاته يوماً بعد يوم، فالحديث هنا عن ربط سلعتي إنتاج هي النفط والكيماويات لتكون المكاسب أعلى والفائدة كبيرة. وعن اضطلاع المملكة بدور محوري في تلبية الطلب العالمي على الطاقة وفي ضمان أمن إمدادات الطاقة العالمية، والذي يهدف إلى استقرار الأسواق ومصالح المنتجين والمستهلكين وهذه السياسة لم تتغير، أكد الجبيري بأن النفط أحد أهم السلع الاستراتيجية التي تنتجها المملكة حيث تملك أكبر احتياطي عالمي ومن أكبر دول العالم المنتجة ولذلك شكل النفط بعدا اقتصاديا مهما في بناء وتطور المملكة في جميع المراحل، ولذلك منذ أن دشّن الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- أول بئر نفطي في عام 1938 في الظهران وحتى يومنا الحاضر برامج الطاقة تحظى بالاهتمام وخلق المبادرات الجديدة والتوسع واستثمار النفط في خلق مشاريع صناعية عملاقة وأيضا الاهتمام بالعنصر البشري السعودي المتخصص وتطوير مهارته وإنشاء معاهد وكليات متخصصة في الطاقة والنفط والتنقيب والحفر، فالمملكة لاعب ومؤثر رئيس في الأسواق العالمية واهتمامها في هذا الجانب منصب على خلق توازن في أسواق النفط سواء كان ذلك في جانب المنتجين أو المستهلكين كونها أحد أكبر أعضاء منظمة "أوبك" من جهة، ومن جهة أخرى قيادتها نحو طمأنة الأسواق ولذلك نجد أن هذا الدور انعكس إيجابا خلال المراحل الاقتصادية المختلفة باستقرار وتوازن الأسعار واستمرارها على نحو عادل وعليه فإن أسعار النفط اليوم مستقرة وهناك تقارير وتحليلات اقتصادية تتوقع ارتفاعا في الأسعار خلال هذا العام والعام القادم ومع ذلك الجهود متواصلة في ضوء النتائج المبهرة التي عكستها الكثير من تلك التقارير، مشيرا إلى أن أسعار النفط تخضع للكثير من الاعتبارات وتأثرها بالقضايا والطاقة البديلة والتكنلوجيا لكن يبق ميزان العرض والطلب مهما والمحدد الأهم لأسعار النفط وأيضا على اعتبار أن النفط أحد أهم وأكبر عناصر إنتاج السلع الأولية ولا يزال دوره مهما وحيويا في الحياة الحديثة. وحول الطاقة الإنتاجية الفائضة لدى الدول المنتجة مثل المملكة تُعد صمام الأمان الرئيس لاستقرار السوق الذي يجنبها الهزات القوية الضارة، كما أثبتت التجارب التي مرت بها السوق خلال الثلاثين عاماً الماضية، أوضح الجبيري أنه لا شك بأن حديث ولي العهد في هذا الجانب يعيد إلى الأذهان المنافع الاقتصادية التي تحققت في هذا الاتجاه والمملكة عملت وتعمل دائما في تعزيز قدرات الأسواق وثباتها مخاطر تقلبات أسعار النفط مولدة منافع هائلة للاقتصاد العالمي ولسكان العالم، كما أنها تعمل وبشكل متواصل على تطمين مقومات الطاقة الإنتاجية الفائضة الأسواق العالمية بسرعة توافر إمدادات نفطية إضافية خلال فترة وجيزة في حالة انقطاع أو انخفاض إنتاج الدول والحقول النفطية بسبب المتغيرات السياسية أو البيئية أو الاقتصادية ولذلك العمل مستمر لدعم استقرار أسواق النفط العالمية. وبسؤاله عن السوق السعودي كسوق مفتوح يشجع على استقطاب أعلى الكفاءات المتوفرة في سوق العمل، فإن توفير فرص عمل للمواطنين السعوديين يعد ضمن أولويات "رؤية 2030"، قال الجبيري إن الخطط الموجهة نحو توفير فرص العمل تسير وفق ما هو مخطط له ضمن مستهدفات الرؤية ومعدلها الحالي في المناطق الدافئة حسب المقارنات الدولية لها، وتابع "لقد وضعت رؤية المملكة 2030 ضمن أهدافها الاستراتيجية السيطرة على نسب البطالة وذلك بخفض معدل البطالة إلى سبعة في المئة، حيث تتم متابعة ومراجعة تنفيذ تلك المستهدفات ضمن حزمة من البرامج فكل برنامج يتضمن فرص وظيفية واسعة مما يعني أن الجهود في ذلك تسير وفق وتيرة متنامية مع الأخذ في الاعتبار رفع مساهمة المرأة السعودية في سوق العمل وأيضاً برامج الشراكات مع مؤسسات وشركات القطاع الخاص والمشاريع الأخرى الجديدة في جميع الأنشطة التجارية وعليه فإن جميع تلك الخطط مجتمعة سيكون لها دور واضح في توفير فرص العمل، كما أن الإجراءات التنفيذية التي تم تطبيقها ستسهم في تقليص نسب البطالة وستعزز بشكل إيجابي في خلق فرص التوظيف ولذلك فإن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية تواصل دورها الفعّال في حصر التوطين في عدد من الأنشطة الاقتصادية المستهدفة وكذلك حصر الوظائف القيادية والتنفيذية في القطاع الخاص بالسعوديين ونمو نسب التفاعل بين أطراف التوظيف والتي ظهرت مؤخرا نتائجها وحالاتها في مختلف وسائل الإعلام، وإضافة إلى ما سبق العمل المستمر بتوفير فرص وظيفية جديدة في القطاع الحكومي من خلال ما أعلنته وزارة التعليم وبوابة جدارة، فضلا عن توفر فرص وظيفية في شركات ومؤسسات القطاع الخاص وخلق مبادرات جديدة في برامج ريادة الأعمال والتي بدورها تقدم الدعم والتمويل للشباب السعودي للانخراط في المشاريع الخاصة المتنوعة والتوسع في برامج التدريب الصناعي للبنات وتشجيع الأسر المنتجة وتسهيل الإجراءات لهن لتحقيق تطلعاتهن في مختلف الأنشطة الاقتصادية بما يتواءئم مع مكانتها وقدراتها وهو ما تضمنته رؤية المملكة 2030 برفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 22 % إلى 30 %، وزيادة مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في إجمالي الناتج المحلي من 20 % إلى 35 % مما يعني الاستمرار في التوسّع في تشغيل المرأة في كافة القطاعات وأيضاً في القطاع الصناعي وخاصةً في مجال الصناعات الخفيفة والنظيفة والصناعة الطبية والدوائية وتقنية الكهرباء ومبادرات التجارة الإلكترونية والإلكترونيات بكافة اتجاهاتها والتي تتناسب مع اهتماماتها وميولها وقدراتها المهارية". Your browser does not support the video tag.