«إن النقد الفرنسي الأدبي لا ينقسم فقط إلى قسمين انطباعي وتماهٍ، وإنما يتوزّع بين تيارين أحدهما لا فكري، يرفض للعقل أن يكون له أماكن اختراق أسرار الفن، وأن يكون له الحق في ذلك. والتيار الثاني وضعي يبحث عن مناهج جديدة للتقدم في فهم الأثر الأدبي مستنداً إلى اللسانيات والفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس الباطني. غير أن الأمور ليست بهذه البساطة، فقدم بارت مفهوماً يختلف عن كل المفاهيم النقدية السابقة، قوامه أن النقد لا يمكن اختصاره بفن إصدار الأحكام، أو كفاءة اكتشاف الحقائق، وإنما هو نشاط فكري يلزم من يتعاطاه إلزاماً كلياً، كونه حواراً ما بين تاريخين وما بين ذاتين: تاريخ الكاتب وذاتيته من جهة، وتاريخ الناقد وذاتيته من جهة أخرى، علماً أن النقد ليس استدلالاً، وليس اكتشافاً، وإنما هو إعادة كتابة للأثر المنقود. وهذا يعني نهاية التمايز التقليدي بين الأثر الأدبي والأثر النقدي، فالنصوص كلها أياً كان نوعها ما هي - كما يقول رولان بارت - إلا «تناص» أي أنها نسيج جديد من شواهد قديمة، وأن كل فعل أدبي إنما هو محاكاة ونسخ لا نهاية له. Your browser does not support the video tag.