قبل سنوات رحل الإعلامي سليمان الأفنس، ذلك الإعلامي الذي سخّر قلمه وأيامه وفكره ووقته لخدمة الموروث الشعبي في الجوف والثقافة في المملكة بكتاباته وأدبه وثقافته، الحقيقة لم يكن ذلك الرحيل بالنسبة لي كمتابعة لإنتاج هذا الإعلامي من كتب ومقالات كانت تنشر في جريدة «الرياض» والصحف الأخرى، وكتاباته ومؤلفاته بالنسبة لي وجبة دسمة، أبدأ بها صباح كل يوم في الصحافة مع فنجان قهوتي الصباحية الحلوة، حيث إن القراءة والقهوة في ذلك الوقت أنيستاي في الغربة بعيدة عن مسقط رأسي دومة الجندل، لهذا أنا أتابع أخبار منطقتي وتراثها من أحد أبناء منطقتي، وإن عدت لأهلي هناك وأجلس مع والدي، كان يتحدث لي عن بعض ما يكتبه سليمان، وكنت أبتسم وأقول له قرأت عنه يا أبي، وكان والدي يشجعني على متابعة كل شيء يخص المنطقة، لكي لا أكون بعيدة عنها، كما أني بعيدة عنها جسدياً، حتى إني أصبحت أرى من ذلك الإعلامي أباً لروحي وقريباً مني، وأنتظر كتاباته بشغف في كل يوم. ولكن مع شروق شمس ذلك اليوم كنت أشعر بشيء يخنقني لم أكن متعودة على هذا الشعور، مما اضطرني للاتصال بزميلتي وإخبارها أني سوف أتأخر عن العمل، ومع صدور الجريدة ذهبت لتصفحها عبر الإنترنت لأقرأ لسليمان حيث سيكون له مقال فيها اليوم كما تعودت،، ولكن فجعت من أحدهم عندما غرد عن وفاة هذا العلم الأدبي، يا الله كنت أشعر وكأن الكون قد ضاق من سعة، بكيت حتى إن من حولي كان يشعر أن من رحل هو والدي، ولكن الذي غاب عنهم لا يعلمون أنه الأب الروحي والموجه الثقافي لي بمتابعته وكتاباته، (إنا لله وإنا إليه راجعون). هذه حال الدنيا لم أكن راغبة بالعودة للقراءة من بعد ذلك حتى قبل أيام من صدور كتاب يحمل اسم ذلك الراحل «سلمان الأفنس من الجوف إلى الجوف» ولكن من هو سلمان هل هو شقيق سليمان الذي أعرفه وما الذي قدم هذا السلمان، حرصت على اقتناء هذا الإصدار وكانت المفاجأة أنه عن سليمان نفسه قرأت الكتاب مرة ومرة ومرات حتى أحسست أني قد حفظته عن ظهر قلب، اتصلت بوالدي لأخبره بهذا الكتاب الذي أبهجه هذا الخبر، يا لروعة هذا الكتاب فكيف كانت هذه الطريقة والترتيب والاستطراد والتسلسل التاريخي للسرد في هذا الكتاب، حتى أذكر أني لحماستي كتبت تغريدة في تويتر «سليمان يؤلف كتاباً من تحت التراب» ويا لجنوني وجنون هذا الكتاب للأمانة، شكراً بحجم السماء للكاتب الذي جاء بهذا الوفاء لذلك النجم الذي أفل، شكراً لهذا الوفاء في عصر قل فيه الوفاء، ومن يريد أن يقرأ لسليمان عن سليمان فليقرأ كتاب صدر من الجوف واحتضنه كل جوف في الجوف فوضع فيه النقط على الحروف. سليمان الأفنس Your browser does not support the video tag.