نحن أمام صورة حقيقية للمملكة العربية السعودية من قبل العالم، دولة كبيرة وشجاعة ولا تتردد في اتخاذ قراراتها السيادية، لكن من يعرف تاريخ السعودية الطويل منذ نهاية القرن الثامن عشر وحتى اليوم يعرف أنها دولة مواقف وأن سياستها قائمة على التوازن وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى زيرة الخارجية الكندية الذي يتدخل في الشؤون الداخلية للمملكة يؤكد للجميع أن سيادة وأمن المملكة خط أحمر، فكل ما يمس سيادة بلدنا ويزعزع أمنها غير مقبول أبدا ولا يمكن التساهل معه. ورغم أن لكل دولة حساباتها الخاصة وتتحدد سياساتها وعلاقاتها بالدول الأخرى حسب هذه الحسابات والمصالح لذلك كان يفترض من دولة بحجم كندا ليس لها تأثير مهم في السياسة الدولية ولا تعتبر دولة مركزية أن تضع في حساباتها، عدم رمي الدول الأخرى بالحجر وبيتها من زجاج، وأن «التنطع» بحقوق الإنسان التي أصلا لم تحترمها هذه الدولة الاستعمارية التي سحقت السكان الأصليين وارتكبت فيهم فضائع يصعب على الإنسانية تصورها، سيظل جزءا من تاريخها الذي لن يغفره لها سكانها الأصليين. وبالطبع هذا ليس موضوعنا لكن يوم الخميس الفائت 9 أغسطس كان يوم السكان الأصليين في العالم والأمم المتحدة تذكر العالم بما فيهم كندا بحقوقهم المنتزعة، العالم بأسره يتذكر الفضائع التي ارتكبتها دول الجور والظلم في سحق السكان الأصليين، وكندا على وجه الخصوص قامت في نهاية الخمسينات بنزع أبناء السكان الأصليين وتسليمهم لأسر أخرى لتبنيهم في عملية سميت The Sixties Scoop واستمرت حتى الثمانينات. كما أنها لم تسمح لمجموعات منهم بحق الانتخاب إلا مؤخرا. الدول تتغير ومواقفها تتغير لكن هذا لا يعطي دولة تاريخها غير إنساني أن تتحدث عن حقوق إنسان لمواطنين غير مواطنيها ارتكبوا أخطاء تهدد أمن وسلامة وطنهم وتطالب بلهجة فوقية بإطلاقهم فورا. ما يلفت الانتباه هو النبرة الجديدة التي صارت تتحدث بها دول الغرور والانحياز الأوروبي عن المملكة، فهي تشير إلى قوة المملكة وقدرتها على التأثير السياسي والاقتصادي، وعن إمكانها الضغط على الدول الأخرى لحماية مصالحها، ونحن العرب نقول «الحق ما شهد به الأعداء»، رغم أننا دولة لا تعادي أحدا لكنها تحمي مصالحها وحقوقها، ولا تتساهل في هذا الجانب مطلقا. مكانة المملكة الحقيقية تظهرها الظروف الصعبة ومن يعتقد أن ردها القوي على كندا هو مجرد «تهويش» سياسي فهو غلطان لأن الرد تبعه حراك سياسي واقتصادي مباشر ينذر بقطع العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل، وهذا في حد ذاته رسالة ليس فقط لكندا بل لكل من يحاول أن يمس بسيادة المملكة وأمنها. نحن أمام صورة حقيقية للمملكة العربية السعودية من قبل العالم، دولة كبيرة وشجاعة ولا تتردد في اتخاذ قراراتها السيادية، لكن من يعرف تاريخ السعودية الطويل منذ نهاية القرن الثامن عشر وحتى اليوم يعرف أنها دولة مواقف وأن سياستها قائمة على التوازن وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى وأنها لا تسمح لأحد بالتدخل في شؤونها الداخلية. لذلك فإن موقف الخارجية الكندية غير المسؤول هو ليس من أجل حقوق الإنسان الذي تستخدمه الدول الغربية كفزاعة للضغط على الدول بل لاعتقادهم أن السعودية سوف تمرر هذه المواقف ولم يعلموا أنهم أمام دولة راسخة بأمنها واقتصادها وبولاء أبنائها. حسابات كندا كانت خاطئة وفي السياسة الدولية لا يمكن أن تخاطب الدولة الحرة المستقلة والقوية بلغة الأمر وإلا سيكون الرد قاسيا يحدد حجمك الحقيقي. مشكلة الدول التي تعتقد أنها ديموقراطية ولم تعي تماسك ووفاء شعب المملكة لبلدهم ولولاة أمرهم ولم يعوا إلا مؤخرا عبر المنابر الحرة في «تويتر» وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي كيف أن في المملكة 20 مليون مواطن ومفكر وغيور على قلب رجل واحد جاهزون للذب عن وطنهم أظهروا قدرتهم على الدفاع عن وطنهم. هنا تظهر القوة الحقيقية لهذا البلد العظيم التي جعلت الأعداء يشهدون له بالمنعة والاستقرار وطول النفس، يضاف إلى مكونه الثقافي والديني والاقتصادي الذي يجعل من السعودية دولة صاعدة مؤثرة على الصعيد العالمي. Your browser does not support the video tag.