لم يعرف وادي العقيق شرفاً أسمى من الأمر الرباني بالصلاة فيه "أتاني الليلة آتٍ من ربي فقال صلّ في هذا الوادي المبارك"، وأن يكون ميقات الحج على إحدى ضفافه، المنحة الإلهية منحت المكان شهرة واسعة، وعززت هويته الجغرافية والثقافية الموغلة قدماً، يذكر التاريخ أن أرض المسجد النبوي فرشت في عهد الفاروق رضي الله عنه بحصى ناعمة منه، وتزاحمت في تلك الحقبة الدور والقصور والمزارع حوله لنقاء مائه وديمومة جريانه خلال العصرين الأموي والعباسي على وجه الخصوص، ومن أشهر القصور: قصر عروة بن الزبير الذي حظي بإعادة اكتشافه وترميمه أخيراً، قصر سعيد بن العاص، مروان بن الحكم، سكينة بنت الحسين، أما الآبار فمنها: عروة، رومة، سقاية، الشمردلية، العسيلة، الواسطية، الهجير، القصر. ويعد الوادي المبارك من أشهر أودية الحجاز، تتجمع مياهه من منطقة النقيع التي تبعد عن المدينة أكثر من مئة كلم جنوباً ويسير إلى مشارف طيبة الطيبة حتى يصل إلى جبل عير، ويسمى هذا الجزء منه "العقيق الأقصى" ، ثم يسير إلى غرب جبل عير، ويمر بذي الحليفة حتى يبلغ أقصى عير فينعطف شرقاً حتى يلتقي بوادي بطحان قرب منطقة القبلتين، ثم يسير باتجاه الشمال الشرقي قليلاً، ثم شمالاً حتى يلتقي بوادي قناة القادم شرقاً عند منطقة "زغابة". ويشكل العقيق -بعيداً عن الجغرافيا المكانية- امتداداً وجدانياً وروحياً خالداً على مر الزمن، يجمع الأدباء والشعراء مع تباعد العصور على الحنين لأرضه وقصوره ومياهه. ويبلغ طول وادي العقيق حوالي 80 كيلومتراً، ويتراوح عمق مجراه بين 15 و100 متر، بعرض يتراوح بين 110 و150 متراً، ويعتبر مصرفاً طبيعياً لمياه السيول والأمطار لمساحة تقدر ب5000 كيلومتر مربع. العقيق كان نهراً دائم الجريان Your browser does not support the video tag.