أمانة المدينة تدشن نفق تقاطع سعد بن خيثمة مع الأمير عبدالمجيد    امير منطقة القصيم يزور مهرجان الكليجا ال 16 ببريدة    "الرياض للجولف" يحتضن أبرز البطولات العالمية للرجال والسيدات    مجموعة stc تعزز التزامها بتمكين التحول الرقمي في عدة قطاعات من خلال شراكتها الاستراتيجية مع مؤتمر "ليب 2025"    «سلام».. منصة تمكّن المواهب السعودية وبيئة تُلهم وتُحفّز    «السعودي للتنمية» يشارك في افتتاح المشروع الإسكاني بوادي السيل والقلالي في البحرين    نائب رئيس هيئة الأركان العامة يتفقد قيادة منطقة الطائف وقيادة المنطقة الغربية وقيادة منطقة المدينة المنورة    الأخضر السعودي تحت "20 عاماً" يخسر ودية إيران .. استعداداً لكأس آسيا    مصر: مخطط إسرائيل لتهجير الفلسطينيين كارثي ويهدد التفاوض    البرازيلي مارسيلو يعلن اعتزاله كرة القدم    أرتيتا : أرسنال لديه الكثير للقتال عليه في الموسم    نيمار: سأرد على جيسوس في الملعب    تفقد المرافق العدلية في الأحساء.. الصمعاني: خدمة المستفيدين أولوية    الحميدي الرخيص في ذمة الله    إحباط تهريب 30 ألف قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    3 مواجهات في انطلاق الجولة ال 19 من دوري روشن للمحترفين    أمير القصيم يستقبل مديري المجاهدين السابق والجديد    البديوي: قادة دول المجلس تؤمن أن صحة المواطن والمقيم في مقدمة الأولويات    ترمب: إسرائيل ستسلم غزة لأمريكا بعد انتهاء القتال    إنجاز عالمي لمصور سعودي على لائحة الجوائز العالمية    تسارع وتيرة نمو مبيعات التجزئة في اليورو خلال ديسمبر    وزارة الرياضة تعلن فوز مصرف الإنماء بعقد استثمار حقوق تسمية ملعب مدينة الملك عبدالله الرياضية بجدة    ولي العهد يطلق تسمية "مجمع الملك سلمان" على منطقة صناعة السيارات بمدينة الملك عبد الله الاقتصادية    القتل تعزيراً لمهرب الإمفيتامين في مكة    ثبات محمد بن سلمان    «العفو الدولية»: خطة ترامب بشأن غزة «مخزية وغير قانونية»    «8» سنوات للأمير سعود في خدمة المدينة المنورة    توقيت نومك.. يتحكم في مزاجك    برعاية الملك ونيابة عن ولي العهد.. أمير الرياض يتوج الفائزين بمهرجان خادم الحرمين للهجن    مستشفى سعودي يحصد المرتبة ال 15 عالمياً ويتصدر منشآت الشرق الأوسط وشمال أفريقيا    الرئيس عون يتعهد وزيارة أميركية مرتقبة لبيروت.. حراك داخلي وخارجي لتسريع تشكيل الحكومة اللبنانية    الرديني يحتفل بعقد قران نجله ساهر    آدم ينير منزل شريف    الشريف والمزين يزفان محمد    ضبط مواطنًا لإشعاله النار في أراضي الغطاء النباتي في منطقة الرياض    إطلاق معرض «آرت نهيل» لدعم الحرفيين    الموت يغيب الفنان صالح العويل    لبلب شبهها ب «جعفر العمدة».. امرأة تقاضي زوجها    رعي الحفل الختامي لمسابقة التحفيظ .. أمير الرياض: القيادة تهتم بالقرآن الكريم وحفظته والقائمين عليه    النزاهة مفهوم عصري    مفتي عام المملكة يستقبل المشرف على وحدة التوعية الفكرية بجامعة الملك فيصل    إطلاق برنامج التعداد الشتوي للطيور المائية في محمية جزر فرسان    الرئيس الأوكراني: مستعدون للتفاوض مع بوتين    «الصحة»: إحالة مدعي الطب البديل لجهات الاختصاص لمحاسبته    رفقاً بمحاربي السرطان    التأسيس عز وفخر    قاعدة: الأصل براءة الذمة    الترجمة تلاقح ثقافي بين الحضارات    مركز القرار.. السياسة الإنسانية الحصيفة تنشر السلام    حسام بن سعود يعتمد نتائج جائزة الباحة للإبداع والتميز    هيئة فنون الطهي تنظّم مهرجان ثقافة الطعام    تكريم عراب التدوين القشعمي بملتقى قراءة النص    معادلة السعودية «الذهبية»    صفحة بيت    إقامة ورشة عمل حول " توسيع أفق بحوث العلاج في أمراض الروماتيزم " الملتقى العلمي الدولي ٢٠٢٥    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية والرئيس الألماني    بقعة زيت قلبت سيارتها 4 مرات.. نجاة ابنة المنتصر بالله من الموت    الرئيس السوري أحمد الشرع يغادر جدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حينما تكون العزلة مغامرة إلى قلب الحياة
نشر في الرياض يوم 28 - 07 - 2018

لم تكن تُدرك تلك الشابة الحالمة "الغريبة الأطوار، التي لم تُكمل تعليمها، وتعيش بمفردها في قرية نائية بنيو إنجلاند"، أن مسلسل الفشل الطويل الذي عاشت كل حلقاته بحزن وألم وحسرة، لم يكن سوى مقدمة ميلودرامية لحياة خالدة. فقد رُفضت كل قصائدها تقريباً، ولم يُنشر لها سوى بضع قصائد، لم يُكتب عليها اسمها من أكثر من ألفي قصيدة كتبتها خلال حياتها القصيرة، فقد رفض توماس وينتورث هجينسون المحرر الأدبي في مجلة The Atlantic Monthly كل قصائدها، التي تجاوزت المائة، والتي كانت تُرسلها بانتظام ولم ينشر أي منها، كما لم يُدرك صامويل بولز رئيس تحرير صحيفة سبرينجفيلد ريببلكان القيمة الحقيقية لشعرها، ولم ينشر لها سوى قصيدة واحدة فقط من أكثر من 50 قصيدة كانت قد أرسلتها، وحتى بعد وفاتها بعدة عقود، كان كثير من النقاد والشعراء والناشرين يُجمعون على أن تلك الشاعرة التي تحررت من كل القواعد والأساليب والمعايير الشعرية السائدة آنذاك "محكوم عليها بالنسيان"، ولكن القدر وإن تأخر كثيراً مارس كعادته ترتيب ملامح الدهشة، وكشف أسرار العبقرية، حيث عثرت شقيقتها لافينيا التي لازمتها طيلة حياتها، وعاشت بعدها في عزلة مماثلة لعزلتها على 1800 قصيدة مخبأة في غرفتها، فقررت الأسرة تحمل نفقات نشر قصائدها في ديوان كان بعنوان Poems لعدم وجود دار نشر متحمسة لذلك، لتبدأ حياة جديدة للشاعرة المتفردة إيميلي ديكنسون، التي تُعد واحدة من أعظم الشعراء الأميركيين على مر العصور.
تُعتبر الشاعرة الأميركية الشهيرة إيميلي ديكنسون من أهم الشخصيات الأدبية في الأدب الأميركي والعالمي، وقد وضعها النقاد والأدباء والمتخصصون في دراسة الشعر والأدب في صدارة الأصوات الشعرية، التي أسهمت في تأسيس الحركة الشعرية الحديثة في القرنين الماضيين.
ولدت إيميلي ديكنسون في مدينة أمهرست في ولاية ماساتشوستس الأمريكية عام 1830 لأسرة عريقة، تمتد جذورها العميقة في نيو إنجلاند، فجدها للأب صامويل ديكنسون شخصية مرموقة، وهو مؤسس كلية أمهرست، ووالدها إدوارد ديكنسون كان رجل دولة وسياسيا معروفا، تزوج بأمها إيميلي نوركروس عام 1828 وأنجبا ثلاثة أطفال، هم وليام أوستن ولافينيا نوركروس وإيميلي. منذ طفولتها المبكرة، أظهرت إيميلي ميلاً شديداً للعزلة وعدم الرغبة في التحدث مع الآخرين، ولم تنتظم في دراستها سوى سبع سنوات فقط، وفضلت أن تعيش في عزلة تامة عن العالم الخارجي طيلة حياتها، ولم تتزوج مطلقاً، وكانت دائرة حياتها صغيرة جداً، مكونة فقط من شقيقها وليام وزوجته سوزان جيلبرت وشقيتها الصغرى لافينيا، وقد وصف الشاعر الأميركي ارشيبالد ماكليش "العزلة التي اختارتها إيميلي لنفسها في بيت أبيها وفي غرفتها الخاصة لم تكن هروباً من الحياة، بل على عكس ذلك، فقد كان اعتزالها مغامرة إلى قلب الحياة التي اختارت أن تكتشفها وتروض مجهولها، تلك الحياة الشاسعة الخطرة الكثيرة الآلام، ولكن أصالتها تفوق أصالة كل حياة أخرى".
وكانت إيميلي أو "صوفية نيو إنجلاند" كما يُطلق عليها تقضي الساعات الطويلة في كتابة الشعر، وكانت تجمع قصائدها في مجلدات بطريقتها الخاصة، ولم تكن تقرأ قصائدها على أحد، ولكنها كانت تبعثها بانتظام وكثافة للملاحق الأدبية ودور النشر، وقد تجاوز عدد رسائلها الألف رسالة. وقد كانت قصائدها مفعمة بالحزن والألم، عكست حالة العزلة التي فرضتها على نفسها، ورحلت وهي تشعر بالحسرة لعدم حصولها على التقدير اللائق الذي تستحقه، ولعل ذلك يعود لطبيعتها الاعتزالية التي أفقدتها التواصل مع العالم الخارجي.
لم تحظ إيميلي ديكنسون بأي تقدير أو تكريم في حياتها، ولكن بعد عدة عقود من رحيلها بدأت شهرتها تزداد وتتوسع، وأصبح أسلوبها في كتابة الشعر مدرسة مستقلة ومتفردة، ولاقت تجربتها الشعرية عناية واهتمام النقاد والدارسين لتطور الشعر في التاريخ، وأصبحت قصائدها الشهيرة مادة تُدرس في الجامعات والمدارس الأمريكية والعالمية، ولا تخلو قائمة لأفضل أو أهم الشعراء العالمييين من ذكر اسمها، وفي عام 1973 كرمت في قاعة الشهرة الوطنية للنساء باعتبارها أهم شاعرة أميركية. توفيت إيميلي ديكنسون في مسقط رأسها أمهرست في ولاية ماساتشوستس عام 1886 عن 55 عاماً إثر إصابتها بمرض الكلى، ودفنت في مقبرة أسرتها، وتحول البيت الكبير الذي لم تُفارقه طيلة حياتها إلى متحف يضم كل متعلقاتها الخاصة ومجلداتها الشعرية الأصلية ورسائلها التي كتبتها بخطها. يبدو أن "حياة"العزلة التي عاشتها إيميلي ديكنسون، كانت أشبه بعروج إلى "سماء" الأبدية والخلود، ولم تكن "الوحدة" التي عشقتها سوى "الشعور بلذة الرحيق السماوي".
تقول إيميلي ديكنسون: "البعض يقول إن الكلمة تموت حينما تُقال، والحقيقة أنها قد بدأت الحياة".
Your browser does not support the video tag.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.