تُمثل الحوكمة ركيزة أساسية ضمن برامج تحقيق رؤية المملكة 2030، التي أقرّها مجلس الوزراء بمتابعة من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، حيث تم اعتماد إطار شامل لحوكمة برامج تحقيق الرؤية، تضمن تفصيلاً للأدوار والمسؤوليات المنوطة بالجهات الحكومية ذات العلاقة، وآليات التصعيد المتبعة للتدخل، والحد من العقبات التي قد تعيق تحقيق البرامج التنفيذية. فماذا نعني بمصطلح الحوكمة Governance؟ يُعرفها البنك الدولي بأنها «ممارسة السلطة واستخدام الموارد المؤسسية لإدارة مشكلات وشؤون المجتمع». ويشير مفهوم الحوكمة إلى مجموعة السياسات واللوائح والعمليات التي تحكم سير الانضباط والشفافية في إدارة الموارد المادية والبشرية بما يحقق المصلحة العامة. ومن جهة أخرى، تتضمن الحوكمة مجموعة من المبادئ التي تشكل الإطار العالمي لنظامها، وتتجسد هذه المبادئ في المساءلة والشفافية والمحاسبية والنزاهة، التي ترتبط فيما بينها لتشكل أعمدة راسية للنموذج المثالي لإطار الحوكمة في المؤسسات. وللمساءلة والشفافية أهمية بالغة باعتبارها عاملاً محورياً في تحديد قدرة الإدارة على تنفيذ البرامج العامة بفاعلية، مع قياس مدى استجابتها لاحتياجات الجهات المستفيدة، وذلك عن طريق تقديم تقارير دورية عن المسؤولين وكفاءاتهم في تحقيقهم الأهداف، وتحديد الجهة المسؤولة عن أي إخفاق، أو سوء استخدام للسلطة أو للموارد. ويرتبط تعزيز الحوكمة بمحاربة الفساد الذي يمثل حسب منظمة الشفافية الدولية: «إساءة استخدام السلطة لتحقيق مكاسب خاصة»، ويعد الفساد الإداري والمالي من الظواهر الاجتماعية التي تشكل أهم العقبات التي تؤثّر على سير عملية التنمية. وتتجسد محاربة الفساد كواجب وطني في تلك الرسالة القوية لسمو ولي العهد التي وجهها لكل فاسد مفسد استغل سلطته وعلاقاته لاختراق الأنظمة لتحقيق مصالحه الشخصية على حساب مستقبل الوطن، حيث صرح سمو الأمير محمد بن سلمان - رعاه الله- في حديثه لقناة CBS News بأن «كل من يتورط في الفساد سيواجه القانون». ولمحاربة الفساد بشتى أشكاله وصوره، تحتاج المجتمعات لوجود نظام حوكمة فعال يضمن المزيد من القدرة على تطبيق آليات للحد من الفساد، من خلال نظم المراقبة والتحكم والمساءلة الدقيقة التي تنتهجها الهيئات ومجالس الإدارات، ولجان التدقيق الداخلية والخارجية، في محاسبة المسؤولين والعاملين في المؤسسات. لذلك أولى مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الكثير من الأهمية لوضع الآليات اللازمة لتحقيق رؤية المملكة 2030، من خلال تطوير نظام حوكمة متكامل؛ لضمان مأسسة العمل ورفع كفاءته، وتسهيل تنسيق الجهود بين الجهات ذات العلاقة؛ بما يمكّن المجلس من المتابعة الفاعلة. ويتولى مكتب الإدارة الإستراتيجية التابع لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية دراسة أسباب تأخر أو تعثر المبادرات (إن وجدت)، ومن ثم تحديد الفجوات والرفع بتوصياته حولها إلى اللجنة الإستراتيجية بالمجلس. ويمارس مركز الإنجاز والتدخل السريع دوراً حيوياً في دعم إطار الحوكمة لرؤية المملكة، وذلك من خلال تقديم الدعم في التخطيط والتنفيذ للمبادرات، والتدخل بناء على توجيه من مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية في حال التعثر في تنفيذها. أما على مستوى الإنجاز، تتولى الجهات التنفيذية لرؤية المملكة من وزارات وأجهزة حكومية المسؤولية المباشرة لمتابعة تطبيق نظام الحوكمة في الأداء لقطاعاتها التابعة لها. كما يقوم المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة بقياس مستوى التقدم في تنفيذ البرامج والمبادرات وتحقيق المستهدفات، والتحقق من مدى التزام الجهات بتحقيق الأهداف الوطنية المشتركة. Your browser does not support the video tag.