تعيش الكثير من المكتبات العربية والعالمية، في زمن تدفق المعلومات إلكترونيًا عبر شبكة المعلومات العالمية (إنترنت)؛ أو وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة هواجس معرفية مختلفة، وفي هذا الخصوص، وجدت المكتبات نفسها أمام أسئلة منها، كيف نستشرف المستقبل؟ وما أشكال خدمات المعلومات المطلوبة في عصر المعرفة؟ وما أثر تقنيات المعلومات والاتصالات على أساليب الوصول إلى المعلومة؟ وإلى أي مدى يُمكن الاستفادة من الثقافة المعرفية / الرقمية لتعزيز القراءة؟ وهي هواجس، تعكس وعيًا جديدًا لدى اختصاصيي المكتبات والمعلومات، قبل مسؤولي المكتبات أنفسهم؛ فرضه تسارع وتيرة التطوّرات التقنية وانعكاساتها على دينامية المكتبات والقراءة وعلى دور الثقافة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وقد أدركت مبكرًا مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، هذه الحقيقة، وأعدت الأجوبة اللازمة عن هذه الأسئلة؛ لمجابهة تحديات العصر الرقمي، ووعت منذ فترة طويلة، أن أدوار المكتبات لم تعُد مقتصرةً على آليات خزانة المؤلفات بصورتها التقليدية، والوثائق، وفهرستها وتصنيفها، وحفظها؛ بل تؤهّل نفسها وظيفيًا وإداريًا وتقنيًا، لتكون ميدانًا معرفيًا، مرتبطًا بجميع ميادين الحياة الدينية والسياسية، والثقافية، والمعرفية، والاقتصادية والأمنية، سيما بعد تنامي قواعد البيانات والمعلومات الضخمة، التي تحتوي على نصوص وتسجيلات سمعية وبصرية بمجالاتها كافةً، خاصة وأن البشرية مقبلة على تطور تقني، وحضاري وثقافي وعلمي كبير، يعتمد بالأساس على صناعة المعرفة. وعمدت المكتبة على ترسيخ هذا التوجّه الحضاري، والعصري، من خلال مساراتها في صناعة المعرفة: علميًا وثقافيًا ومعرفيًا، وتطبيقاتها في هذا الخصوص، التي باتت في وقتنا الراهن أولوية مهمة، ومُلحة لجميع المكتبات؛ لتنميتها، وتطورها وتقدمها في جميع المجالات. ويعد مركز الفهرس العربي الموحد؛ والمكتبة الرقمية العربية الموحدة نموذجين مهمين من مشروعات مكتبة الملك عبدالعزيز العامة لصناعة المعرفة واللذين حازت بهما قصب السبق مع نظيراتها العربية والعالمية؛ وتحقيق الريادة للمملكة: وطنيًا وإقليميًا وعالميًا. فبينما يسهم الأول، مركز الفهرس العربي الموحد، كإطار جامع، ورائد للعمل التعاوني؛ لحفظ ونشر التراث الفكري العربي؛ لتضيف بذلك إسهامًا مهمًا إلى ما تقوم به من خدمات في عالم الفكر والثقافة؛ وإيجاد بيئة تعاونية للمكتبات السعودية والعربية، ومن أهم نتائجها تخفيض تكلفة فهرسة أوعية المعلومات العربية وذلك من خلال عملية الفهرسة المتقاسمة التي تتطلب توحيد ممارسات الفهرسة داخل المكتبات العربية باعتماد المعايير الدولية في الوصف الببليوجرافي؛ ما يحقق تطورًا بمستوى المعالجة الببلوجرافية داخل المكتبات العربية بما سينعكس إيجابًا على انتشار الكتاب العربي والتعريف بالثقافة العربية الإسلامية من خلال تسجيلات عالية الجودة تتاح للمكتبات داخل وخارج الوطن العربي والتي ستمكن المستفيد من الوصول إلى المعلومات بكل يسر. Your browser does not support the video tag.