الفن التشكيلي في المملكة انطلقت بداياته في الستينات، من خلال إقامة معارض فردية بجهود شخصية من الفنانين أنفسهم، ومنذ ذلك الحين اكتسبت مسيرة الفن التشكيلي في المملكة تنوعا كبيرا يصعب حصره في مدرسة واحدة؛ لما تحمله من ملامح متنوعة لمدارس عالمية. والفنان التشكيلي المعروف سعد بن عبدالله العبيّد الحاصل على دبلوم معهد المعلمين عام 1382ه/ 1962م، الذي يعد أحد فناني المملكة، الذين أخذوا على عاتقهم خدمة الحركة التشكيلية السعودية، في هذا الحوار يحدثنا أكثر عن تجربته من خلال جوانب عدة ابتداء بأنشطته التشكيلية، ومعارضه التي أقامها ويقيمها حتى الآن. * بداية، هلا حدثنا الفنان سعد العبيّد عن الفن التشكيلي وكيف يحظى بالدعم في بلادنا، وبمن تأثر في بداياته الفنية؟ * يحظى الفن التشكيلي المحلي بدعم كبير من القيادة، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، فقد كان يحث التشكيليين على عرض أفضل الأعمال الإبداعية التشكيلية السعودية؛ للتعريف بما وصل إليه الفن التشكيلي المحلي من تطور، كما أنه -رعاه الله- منذ كان أميراً لمنطقة الرياض كان دائم الدعم والرعاية لعديد من الفعاليات التشكيلية والثقافية، فعلى سبيل المثال لا الحصر، رعى المعرض الأول للفنان الراحل محمد السليم عام 1387ه، كما افتتح المعرض الجماعي الأول لجمعية الثقافة والفنون بالرياض عام 1398ه، ويقتني – حفظه الله - عديدا من المقتنيات التشكيلية، كما تبنى معارض الرياض والمملكة بين الأمس واليوم منذ عام 1406ه. وكان لي شرف الإعداد والإشراف على الجناح التشكيلي في المحطات السبع الأولى في مدن كولون وشتوتجارت وهامبورج بألمانيا وفي الرياض ولندن وباريس والقاهرة، وقد تعودنا منه -حفظه الله- الدعم والتوجيه للعمل الوطني". وبالمناسبة دائما يكون التوجيه المثمر نبراسا يضيء طريق المتعلم، وهذا ما حظيت به من معلمي في مادة التربية الفنية لأسير في الاتجاه السليم بإذن الله، حينما كنت في الصف الأول بمعهد إعداد المعلمين بالرياض، وكان عمري حينها 15 عاما تقريبا، وبعد تخرجي في المعهد عملت في التعليم لثماني سنوات، حصلت خلالها على دورتين فنيتين (تربية فنية) في الطائف، وكان من زملائي الفنان محمد السليم – رحمه الله - ثم انتقلت للتليفزيون السعودي لأعمل في قسم الديكور، واشتركت عام 1389ه في أول معرض جماعي على مستوى المملكة أقيم في مدينة الرياض لتنطلق مشاركاتي الجماعية والفردية فيما بعد، وكان أول هذه العروض الفردية عام 1391ه. * ما السر وراء استمرار جماعة " ألوان" في تألقها برغم أنه في الآونة الأخيرة توقفت أغلب هذه الجماعات التشكيلية؟ * في فترة سابقة، ظهر على الساحة التشكيلية ما يزيد على 30 جماعة فنية، وأولها وأقدمها جماعة المدينةالمنورة التي تأسست عام 1401، وآخرها جماعة الفن الرقمي بالرياض وعبق بمكة المكرمة، ومنها أيضاً جماعة "الرياض" بالرياض، و"عنيزة" بعنيزة، و"درب النجا" بجيزان، و"تعاكظ" بالطائف، و"الجوف" بسكاكا، و"شتا" بأبها، و"عشتاروت" بالقطيف، و"التشكيليون العرب بجدة". جماعة "ألوان" الفنية تضم فنانين من الجنسين ومقرها الرياض، وأعضاؤها من الرياض والدمام والأحساء وحائل وعنيزة والدوادمي، والخرج وجدة وأبها، استطاعت المحافظة على ثباتها والتزامها على بنود الجماعة التي قررتها، وأهمها: الإسهام في دعم الحركة التشكيلية عبر المعارض الفنية المختلفة، وتنمية الجانب المعرفي عن الفنون التشكيلية ومدارسها عبر النشاط المنبري المرافق للمعارض، وتوثيق الصلة بين أعضاء الجماعة وزملائهم في الجماعات الأخرى، والتعاون مع الهيئات المختلفة في الإعداد والتنسيق والإشراف على البرامج الثقافية والفنية، وأغلب هذه الجماعات "غير ربحية ذات نفع عام"، وتتعدد فيها التخصصات التشكيلية مثل: "التصوير التشكيلي وبعض فروعه وتقنياته كالجرافيك والنحت والخزف بمختلف خاماته، كالرخام والحجر والخشب وبرادة الحديد، والتصوير الضوئي. تلك الجماعات تتفق في الهدف المتمثل في تحريك ودعم الحركة التشكيلية المحلية، على الرغم من الاختلاف في بعض أمورها كحجم ومستوى ما يقدم، وتلك الجماعات لا تقتصر على الفنانين التشكيليين السعوديين فحسب، بل إن بعضها تضم أعضاء من أشقاء عرب مقيمين، وكانت السمة العامة لمعظم الجماعات يطغى عليها طابع الإقليمية، كأن يكون أعضاؤها من مدينة أو محافظة، ولله الحمد جميع الجماعات تعتبر ظاهرة إيجابية كونها تساعد على التنافس الشريف فيما بينها، وتشكل رافدا لما تقدمه الجهات المعنية. جمع التشكيليين * يقال إنك تحلم بجمع الفنانين العرب تحت مظلة واحدة وقد بدأت ذلك بالفعل كيف كان ذلك؟ * نعم، إنه حلم طالما راودني، وقد حققت جزءا منه من خلال تنظمي ل "الملتقى التشكيلي العربي الثالث بالرياض"، وشارك فيه عدد من التشكيليين السعوديين والعرب، وقد تضمن الملتقى أنشطة مكثفة وعروضا لتجارب فنية وإقامة ورش فنية، وزيارات وحوارات مفتوحة. وهذا الملتقى حلم راودني وكثير من زملائي التشكيليين، وأثناء الإعداد للملتقى الذي قمت بإعداده، قمت على تهيئة كل الوسائل وكل ما من شأنه خلق جوٍ فني مناسب للعمل الإبداعي من حيث اختيار الزمان (الطقس) والمكان المناسبين وتعدد الأجيال، وتأمين كل المستلزمات اللازمة. فقدان ووفاء * كانت لك وقفة وفاء ومبادرة إنسانية مع رفيق دربك الراحل الفنان محمد السليم – رحمه الله – كيف تم ذلك؟ * الفنان الراحل محمد موسى السليم – رحمه الله وأسكنه فسيح جناته – يعد واحدا من قلة أسهموا في نهضة الحركة التشكيلية بالمملكة خلال الستينات، وقد تلقى علومه الفنية في إيطاليا، وتعرفت على زميلي الراحل محمد السليم في بدايات الثمانينات الهجرية في مركز صيفي بمدينة الرياض، وكان نعم الصديق، ومهما عملت له فلن أوفيه حق الصداقة، وبفضل الله بعد وفاته استطعت ومجموعة من الزملاء إقامة مهرجان الوفاء برعاية الرئاسة العامة لرعاية الشباب المشاركين بريع لوحاتهم لمصلحة الفنان الراحل، وقد نجحنا - ولله الحمد - في تفعيل هذا الجانب الإنساني. لقد كانت حياة الفنان السليم مثالا للعصامية والجدية والمثابرة، وقد كتب عنه عدد من الفنانين الإيطاليين. وقد توفي محمد السليم - رحمه الله - في إيطاليا عام 1997م ولم يجد بعد موته من يكرمه سوى المعرض الخيري الذي أطلقنا عليه اسم "معرض الوفاء الخيري للفنان محمد السليم"، أقيم بجهود شخصية برعاية "رعاية الشباب"، وشارك في هذا المعرض عدد كبير من فناني السعودية، الذين تبرعوا بدخل أعمالهم أو بجزء منه لمصلحته. الزميل راشد السكران أثناء حواره مع الضيف من أعمال سعد العبيد عدسة: عمار الملحم Your browser does not support the video tag.