في الوقت الذي يحتفل فيه العالم اليوم شعوباً وحكومات ومنظمات رسمية وشعبية باليوم العالمي للمعالم والمواقع الأثرية، أو ما يُطلق عليه في الإعلام العربي بيوم التراث العالمي الذي يصادف 18 إبريل من كل عام، والذي وافقت عليه الجمعية العامة لليونسكو بموجب اقتراح تقدم به المجلس الدولي للمعالم والمواقع الأثرية الإيكوموس في العام 1983م؛ بهدف الدعوة لحماية التراث الإنساني والتعريف به وبجهود الجهات والمنظمات ذات العلاقة، وعلى الرغم مما يمتلكه اليمن من تراث ثقافيّ غني ومتنوع، يؤكد على العمق التاريخي وتعدد الثقافات والحضارات التي استقرت ذات يوم على هذه الأرض، تتزايد التحديات التي يواجهها هذا التُّرَاث خصوصاً مع ما يجري في الوقت الراهن إثر الحرب الدائرة والصراع المسلح، إذ يمر التُّرَاث الثقافيّ في اليمن بإشكاليات عديدة ومخاطر جمّة لتتجمع جميعها في النهاية ممثلةً التهديد الحقيقي للتراث، والذي ينذر بفقدان كثير من جوانب الهوية الوطنية. إن التُّرَاث ثروة حضاريّة لا تقدر بثمن، ولا يمكن أن تعوض، وذلك أنّه يُمثِّل قيم شعوبه، وأفكارها، ومعتقداتها، وعاداتها، وتقاليدها، ولأن التُّرَاث يمثل هوية الأمة، كان لابد من التمسك بأصالته والمحافظة عليه، فهو التاريخ المادي، والمرآة الحقيقية لأي حضارة. بل هو ذاكرة الأمة ومرآتها عبر الزمن بكل ما فيها من أحداث تمت على مرّ التاريخ، وتأثرت بالظروف الاقتِصاديّة، والاجتماعية، والثقافيّة، والمكانية، والعُمْرَانية المكونة للمقومات الحضاريّة للإنسان بما فيها من تغيرات شكَّلت شخصية الأمة وهويتها، ناهيك عن أنه -أي التراث الثقافي- أصبح في الآونة الأخيرة سلعة اقتصادية تستوجب الحفاظ عليها من أجل المستقبل ضمن علاقة موحدة تجمع التراث بالاقتصاد، وفي إطار خطة واضحة تهدف إلى تحقيق المردودية الاقتصادية للتراث من خلال عناصره المادية وفنونه التقليدية لتحقيق التنمية المستدامة، ومحركاً لكثير من التوجهات السياسية والاجتماعية في عالم اليوم. إن عملية الحفاظ على الهوية الثقافية لتراثنا يُعدُّ قضية محورية وجوهرية لابد أن يعيها الجميع، وإن موضوع الحفاظ على التُّرَاث الذي هو ملك الأُمة، وضميرها، وهويتها الوطنية يكتسب أهمّية قصوى لاسيما في ظل ما يواجهه من تخريب نتيجة الصراع المسلح والنهب المنظم الذي يحدث من التدمير الإيراني الحوثي. لقد تَعرضت الكثير من المعالم والمباني التُّرَاثيّة لتعدياتٍ كبيرة جراء الأحداث الأخيرة التي تشهدها اليمن، كما تعرضت المواقع الثقافيّة المدرجة على قائمة التُّرَاث العالميّ مدينة زَبِيْد التاريخيّة، ومدينة شبام حضرموت، ومدينة صنْعَاء القديمة، لأضرارٍ جسيمة، نتيجة ما لحق بها من دمار، حتى باتت اليوم مدرجة على قائمة التُّرَاث المهدد بالخطر، كما لحقت أضرار كبيرة بمواقع أخرى مشابهة، مسجلة على القائمة التحضيرية للتراث العالميّ. وحريٌ بالمعنيين توجيه النداءات والدعوة إلى عقد مؤتمر دولي عاجل بشأن حماية التراث الثقافي في اليمن، وتنظيم عدد من الندوات العلميّة التي تقدم فيها الدراسات والأبحاث العلمية المتخصصة لاستعراض الأضرار، ومناقشة الحلول لحماية وصون هذا التراث، والطرق الكفيلة بإعادة ما تم نهبه من الممتلكات الثقافية. Your browser does not support the video tag.