عائلة زاب الأرجنتينية

كانت الفكرة مجرد نزهة برية نحو ولاية ألاسكا الأميركية، ولكن هذه الرحلة امتداد إلى مغامرة جامحة لم تنته حتى الآن منذ ثمانية عشر عاماً!
في العام 2000 وبعد أربع سنوات من زواج الأرجنتيني «هيرمان زاب» من رفيقة طفولته «كانديلاريا», انطلقا من منزلها في «بونيس أيرس» في رحلة سياحية نحو ولاية ألاسكا, ترك «هيرمان» وظيفته المرموقة في تقنية المعلومات, ليأخذ هدية جده سيارة عتيقة من طراز «جراهام بيج» موديل 1928م, لا تكاد سرعتها القصوى تتجاوز 60 كلم, لتمسي السيارة التي توقف إنتاجها منزلاً متنقلاً ليس للزوجين وحسب؛ بل لأربعة أطفال رزقا بهم خلال رحلتهم الأسطورية حول العالم.
استغرق الأمر منهما 16 شهراً متواصلة للتجوال في الولايات المتحدة الأميركية فقط ليصلا إلى وجهتهما الأولى, وليتحول السفر حول العالم إلى مشروعهما وحياتهما ومعهما أطفالهما, الذين ولد كل منهم في بلد مختلف, فالكبير «بامباه» ولد بالقرب من غابات الأمازون في البرازيل, و»تيهو» في الأرجنتين, و»بالوما» في كندا, أما آخر العنقود «والابي» ففي كندا, جميعهم حملوا أسماء مستوحاة من لغات ورموز تلك البلدان.
خلال تلك السنوات قطعت أسرة «زاب» الرحّالة مئات الآلاف من الكيلومترات بسيارتها المتهالكة التي تحولت إلى منزل متنقل, فيها مساحة للنوم والدراسة والطبخ! أما سطحها فأصبح دولاباً متحركاً للملابس والخيمة المتنقلة. زارت العائلة أكثر من خمسين دولة حول العالم, أمست حياتهم كما لو كانوا على متن قطار متعدد التوقف لكن بلا محطة وصول نهائية, فمن بلد إلى بلد, ومن ثقافة إلى أخرى, ومن لغة إلى لغة محكية مختلفة, تغير لديهم شعور الوطن وأضحى أكبر من مجرد الارتباط ببلد ما, فبجانب خط رحلتهم الأولى التي شملت أميركا الجنوبية والوسطى؛ امتدت الرحلة نحو كندا واليابان والفلبين وأستراليا وكوريا الجنوبية وماليزيا والتبت والهند وأثيوبيا ومصر وجنوب أفريقيا وأكثر, عبروا نهر الأمازون واخترقوا منتزه سيرينجيتي التنزاني, اجتازوا دروب جنوب آسيا حتى الثلوج المحيطة بقمة إيفرست, اختبروا الحرارة الشديدة وسط أفريقيا، وكذلك صقيع التجمّد في روسيا, أيام وأسابيع لا تنسى وسط الأحراش والغابات, وأخرى في عمق الصحاري والواحات, من مدن ساحلية ناعسة وحتى تلك المكتظة بالسكان والضوضاء, دوماً يفخرون أنهم قضوا ما يزيد على 2500 ليلة مستضافين لدى عوائل محلية, ناهيك عن عملهم في مهن مؤقتة للحصول على ما يقيم أودهم ويساعدهم على إكمال مسيرتهم.
تعرفت عليهم منذ سنوات حينما أغرمت متابعة صفحتهم على الفيسبوك ولا أزال, حيث يحدثون حالتهم وينشرون صور موقعهم دورياً, كما يوجد تسجيل مرئي يوثق اللحظة الأولى لخروجهم من «بونيس أيرس» أول مرة! حيث يتذكر «هيرمان» دوماً قول جده: «إذا كنت تريد الوصول إلى أبعد مدى فإنك بحاجة لأن لا تسرع الخطى.. عليك أن تعود ببطء وتمهل» وبالتأكيد هذا ما يفعله حفيده وعائلته المغامرة.
Your browser does not support the video tag.