خلق الله سبحانه وتعالى هذا الكون بكل مافيه وجعل فيه نظاماً محكماً وقواعد وثوابت رسخها في كل تعاليم الدين الإسلامي وفرض على المسلمين عبادات وفرائض جعلها أساس كلّ حياة فالعمل الجماعي وسيلة لتحقيق الأهداف، وإنجاز الأعمال. فاليد الواحدة لا تصفق كما أنّ اليد الواحدة لا تنجز والأهداف تحتاج إلى تكاتف وتضافر الجهود فالعمل الجماعي قوّة للفرد والمجتمع فالمجتمع الذي ترى أفراده مجتمعين متوحدين هو أكثر المجتمعات القادرة على العطاء والبذل، كما أنّه أكثر المجتمعات قدرة على تجاوز نقاط الضعف وسدها فالعمل الجماعي يعطي المجتمع والوطن هيبةً في نفوس الأعداءْ والمتربصين فعندما ينظر العدو إلى أفراد الوطن يعملون معاً فإنه يهابهم فيصبح المسلمون قوةّ لا يمكن هزيمتها أو ضعضعتها فالمجتمع المسلم الذي يقوم على العمل الجماعي المشترك هو مجتمع قوي من كل النواحي السياسية، والفكرية، والتربوية، والعقائدية، والإيمانية كما يزرع في نفوس الناس المعاني الجميلة ويربيهم على القيم النبيلة فالإنسان حين يضع يده في يد أخيه من أجل تحقيق هدف معين أو إنجاز عملٍ مطلوب تراه يحرص على بناء علاقة طيبة مع أخيه كما يتجنب أسباب الخلاف والتشاحن معه. فالعمل الجماعي هو قوة للمجتمع والدوله، فالدولة التي يكون أفرادها متعاونين مجتمعين تكون لها هيبة بين الأمم بينما ترى الدول والمجتمعات التي تكثر فيها الفرقة والطائفية ممزقة غير قادرة على الأنجاز لا يقوى الإنسان في الحياة على هذه الأرض من دون أن يعاونه الناس ويقفوا معه وقد كان الإنسان ومنذ خلقه الله تعالى يسعى للاجتماع مع أخيه الإنسان والتعاون معه في استثمار خيرات الأرض وتطويعها لخدمة البشرية، فكل إنسان خلقه الله تعالى له من الميزات ماليس للآخر وتمتد أهمية العمل الجماعي في الإسلام بقوة عظيمة وخارقة فيكون الإنتاج أكبر بكثير من الإنتاج الفردي والعمل الواحد كما يزرع في نفوس المسلمين الإيثار والتضحية في سبيل المجتمع فيضحي المسلم بمصلحته الخاصة في سبيل المصلحة العامة مما يعود بالنفع على المجتمع كله لذا يتخلص الإنسان المسلم من كل الصفات الدنيئة، كالأنانية، والكره، والبخل فينجح المسلمون بالعمل الجماعي المشترك في تمكين دعائم الدين الإسلامي وتغيير المنكرات ومواجهة كل المصاعب والفتن مايساعد في تحقيق أرقى دعائم المجتمع القويم ألا وهي .. توحيد الأهداف، وزيادة الترابط بين أفراد المجتمع المسلم.. إن الإسلام يواجه تحديات عديدة من أعدائه الداخليين والخارجيين وهي تتم في إطار جماعي منظم، وأي رد فردي أو فوضوي عليها يعد من قبيل الجهد الضائع، فالدين الإسلامي يأمرنا بالاتحاد والتعاون على البر والتقوى، وهذا من أخص الأعمال وأهمها، فالعمل الجماعي هو عملٌ مبارك من عندالله تعالى، ففي الحديث الشريف (إن يد الله مع الجماعة وبالتالي تكون مخرجات العمل الجماعي أكبر وأنمى من العمل الفردي حيث عملت هذه الأمم والمجتمعات على بناء الحضارات والمساهمة في التقدم العلمّي والفني والإنساني على مستوى الإنسانية ومازالت تقدم الشيء الكثير إلى يومنا هذا.. فالروح التي تجمع الأفراد في هذه المجتمعات على اختلافها هي روح العمل الجماعي، حيث حققت هذه الروح الأمن، والأمان، والرقي، والتعاون على كافة المستويات فمهما تباعدت الحدود واختلفت الصفات تبقى عوامل الوحدة الإنسانية أكثر من عوامل التفرق والاختلاف.. ولنجاح العمل الجماعي لابد من الصبر وعدم الاستعجال. والثقة الكبيرة بالله تعالى والأمل به بأنه لا يخيب أمل عامل مكافح وكذلك يجب الحرص على التماسك والتعاون والتعاضد في وجه كل المشكلات والفتن. والاستمرار بهذا العمل في كل مراحل الحياة والحرص على سرية الأمور.. بالعمل الجماعي الناجح يمكن لأي مجتمع أن يتماسك ويتعاون ويقف ضد أي مشكلة أو فتنة قد تواجهه وتهدد استقراره، والعمل الجماعي لا يقتصر فقط على المصالح الحكومية أو الأعمال الخاصة، بل إنه يوجد في كل نواحي الحياة، لأنه يحقق لها التنظيم والتكافل والانضباط والحرص على كتمان أسرار الغير، فعندما يقوم الإنسان بالعمل ضمن جماعة يتعلم قيم كثيرة تجعله إنساناً سوياً داخل مجتمع حضاري متقدم. Your browser does not support the video tag.