قدمت المملكة العربية السعودية تقريرها الدوري الثالث والرابع مدمجاً والثاني عملياً (كان الأول والثاني مدمجاً قد قدم العام 2008) لاتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) الأسبوع الماضي في 26 / 2 / 2018 في جنيف بوفد بلغ 33 شخصاً برئاسة معالي الدكتور بندر العيبان رئيس هيئة حقوق الإنسان وبعضوية ثماني عشرة سيدة منهن ست سيدات من عضوات الهيئة نفسها وأخريات من قياديات قطاعات الدولة. وقد قدمت على هامش المراجعة الدورية عدد من المؤسسات الأهلية تقاريرها أيضاً حول المملكة وعدد من الدول التي حلّ وقت عرضها أيضاً والدولة الأخرى من منظمة التعاون الإسلامي مع المملكة هي ماليزيا. ووصول الوفد إلى جنيف هذه المرة كان مختلفاً بشكل كبير عن المرة الماضية من حيث الأجواء الإيجابية والإنجازات المتميزة في وضع المرأة السعودية بالنسبة لعدد لا بأس به من الملفات على رأسها ملف قيادة السيارة والرياضة والمناصب القيادية، والمشاركة الآمنة في الفضاء العام وإعلان عدد من التغييرات في الأنظمة القضائية فتحررت المرأة من شبح بيت الطاعة وما أشبهه وقبل ذلك صدر الأمر السامي بإزالة العوائق أمام تقديم الخدمات للمرأة في قطاعات الدولة العامة والخاصة التي تستدعي ولي أمر إلا بمبرر نظامي أو شرعي، وتداعى من كل ما سبق مشاعر عامة بالإيجابية والتفاؤل حتى حول القضايا التي ما زالت عالقة باعتبار أن الدور لا بد وآتٍ بلا ريب حيث لا يستقيم أن يُسمح للمرأة بقيادة السيارة ثم يتاح لولي أمر أن يمنع امرأة تحت ولايته من حقها في الحركة وهي راشدة وعاقلة. فيستدعي الأمر أن تتابع القرارات مسيرتها باتجاه تحرير نقاط التمييز وحل مشكلة ركود مشاركة المرأة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في المملكة لتتعدى المراكز الأخيرة التي كانت تحتلها. لكننا لاحظنا أن الوفد على الرغم من كبر حجمه وتنوع تخصصاته وما يحاول أن يُقدمه أمام العالم من صورة جديدة للمرأة السعودية، إلا أنه لا يبدو تجاوز مرحلة التحسينات والتزويقات التجميلية التي وإن ساعدتنا فيها اللغة، لا تساعدنا فيها الحقائق، فضلاً عن أننا لسنا بحاجة أن نكون اعتذاريين ونحن نتجه نحو مرحلة واعدة من النهضة. وكثيراً ما يغيب عن ذهن المسؤولين والمسؤولات في هذه المواقف الدولية أن الأمور مكشوفة ومعروفة في ظل انفتاح العالم على بعضه البعض وأن شيئاً لم يعد سراً ولا من مصلحتنا أن نحاول إخفائه فهذا على العكس يُضعف من موقفنا ويُضعف من قيمة وحجم الإنجازات التي نعتز بها هذا العام بمفرده ناهيك عما سبقه. ومن الحكمة كذلك أن تكون هناك صراحة ووضوح في إدراك المشكلات والتحديات وفي التعبير عنها بشجاعة، فمكسبنا الحقيقي ليس بكسب رضا المسؤول المتغير ولكن برضا الناس والنساء بالتحديد في هذا السياق. فالدفاع ليس ضرورياً في ظل انفتاح العالم والنساء اليوم خاصة في العالم الإسلامي للمساحات المتاحة اعتدالاً وتسامحاً واجتهاداً أخذت النساء يدركنه شيئاً فشيئاً ويميزن معه بين الفقه البشري والتشريع السماوي وخطورة الخلط القائم بينهما من خلال الأنظمة المدنية الحديثة التي أنتجت حالات التمييز التي نعاني منها بل وقد اعتقدنا لسنوات بأن مطالبنا تتعارض مع ثوابت مما خلق كثيراً من الصراعات غير الضرورية والتي أضاعت الكثير من الجهد والوقت لنهضة وتنمية بلادنا وإنسانه. آمل أن نكون قد تعلمنا الدرس من هذه التجربة وأن نحرص على الشفافية قدر الإمكان فهي أسلم طريق أمامنا لضمان أمننا وتحقيق رؤية مستقبلنا. Your browser does not support the video tag.