الخارطة الاقتصادية العالمية سوف تتغيّر خلال عقدين أو ثلاثة على مستوى الفاعلين، والمؤثرين تبعاً لذلك في القرار العالمي، ولن تكون الدول الخمس في مجلس الأمن، أو الدول الصناعية الثماني، أو الدول العشرين على ذات القائمة أو على الأقل في الترتيب بحسب الأهمية. الصين والهند واندونيسيا والبرازيل والمكسيك دول قادمة لتغيير المعادلة الاقتصادية، بفضل الصناعة، وتقنيات الإنتاج المتطورة، وتعزيز الصادرات، وإغراق الأسواق العالمية، حيث تشهد تلك الدول معدلات نمو متصاعدة مقارنة بتراجع دول مثل أميركا وبريطانيا وفرنسا وروسيا أمام الصين والهند تحديداً. نحن في المملكة اعترفنا متأخرين أننا دولة استهلاك، وجاءت رؤية 2030 لتوقظنا من سبات العقود الماضية، وتكشف لنا عن أرقام محبطة حينما تكون المملكة مثلاً خامس دولة في الإنفاق العسكري والأمني على مستوى العالم، وحجم الانفاق المحلي لا يتجاوز 2 % من حوالي 60 إلى 80 مليار دولار، إلى جانب التقليل من أهمية توطين التقنيات والكفاءات في الصناعة العسكرية أثناء التوقيع على اتفاقيات التسليح. اليوم الوضع مختلف تماماً.. لدينا رؤية طموحة تجاه إدارة ملف التسليح، وتحويله إلى مشروع استثماري، وتحقيق هدف استراتيجي في توطين 50 % من الإنفاق العسكري، من خلال إنشاء شركة للصناعات العسكرية، وتوفير فرص وظيفية تصل إلى 40 ألف وظيفة قبل 2030، وافتتاح مصانع عالمية للسلاح في المملكة كجزء من متطلبات التعاقد ونقل التقنية، وتعظيم المحتوى المحلي بتدشين مصانع وطنية أخرى للمشاركة في أخذ حصتها من عملية الإنفاق. الأمير محمد بن سلمان مؤمن أن المملكة سوف تحصل على أحدث الأسلحة ليس بأقل الأسعار، أو جودتها، أو تقنيتها، ولكن الأهم من ذلك كم ستضيف للمحتوى المحلي من أرقام تساهم في عملية التوطين، وهو التحدي الأكبر الذي يراهن على تحقيقه، وبدأت ملامحه في تهيئة البيئة الاستثمارية للصناعات العسكرية، وتوقيع مذكرات تفاهم مع شركات عالمية، مثل بوينغ، ولوكهيد مارتن، وريثيون، وجنرال داينامكس، وروزوبورون اكسبورت؛ لدعم عمليات التطوير في الأنظمة الجوية والأرضية والأسلحة والذخائر والصواريخ، والإلكترونيات الدفاعية. اليوم يأتي معرض القوات المسلحة أفد (2018) في دورته الرابعة مكملاً لتلك الرؤى والجهود في دعم التصنيع المحلي، وتوطين الصناعات الرئيسة والتكميلية، ومن بينها صناعة المعدات والمواد وقطع الغيار، وتكمن أهمية المعرض في التقاء الجهات المستفيدة والجهات المشاركة لعرض متطلباتها وكذلك الشركات الوطنية والعالمية لعرض قدراتها التصنيعية داخل المملكة، والذي يسهم في تنمية المحفزات الاستثمارية، ويطور البيئة الصناعية بشكل عام، ويضع المملكة في مصاف الدول الاقتصادية الكبرى. المملكة تسابق الزمن في إعادة ترميم ملف التسليح على قاعدة صلبة من التوطين لتنهض من خلاله إلى مشروعها الأكبر في الاقتصاد العالمي؛ فهي لن تكون دولة مستهلكة على حساب اقتصاديات تنمو، ولكن تريد أن تحجز لها موقعاً على خارطة التصنيع، وليس تصدير النفط فقط. Your browser does not support the video tag.