تُشابه المدن الإنسان في نشأته، فهي تنمو وتتطور وتتفاعل مع المتغيرات التي تحدث إيجاباً أو سلباً وقد تصل لمرحلة من الضعف والوهن والشيخوخة المبكرة أحياناً وقد تمرض وتموت. طبياً ترتبط الشيخوخة المبكرة للإنسان بقصر التيلومير الموجود في الحمض النووي فهو الجزء المسؤول عن عمر الخلايا والانقسام ويحدد دور حياة الخلية ومنها حياة كامل الجسم، وكما أنَّ التيلومير مسؤول عن ظهور الشيخوخة المبكرة في جسم الإنسان فإنَّ التخطيط السليم لإدارة المدينة هو المسؤول عن شيخوخة المدن، والآثار والظواهر المترتبة على قصور الخطط العمرانية المتعلقة بإدارة المدن ملاحظة ومشاهدة وهي عبارة عن تراكمات مشكلات الماضي والحاضر، فبعض المدن تعاني من زيادة معدلات الهجرة والتكدس السكاني وهذا يتسبب في زيادة الضغط على الخدمات والمرافق القائمة مما يؤثر على مستواها وجودتها، وكذلك تعاني بعض المدن من نموٍ متسارع غير مخطط أو مسيطر عليه مما يتسبب في زيادة المساحة الحضرية وهذا يترتب عليه زيادة الإنفاق في توفير المرافق والخدمات، أما قلب المدينة ومركزها يمرض ويهجره السكان نحو الأطراف، وتكثر فيه المشاكل الأمنية والاجتماعية، أما الأحياء السكنية القائمة فتعاني من عدم كفاءة في توزيع استعمالات الأراضي وتزاحمها الاستعمالات التجارية مما يفقدها جودتها وقيمتها بمرور الوقت ويجعل السكان ينتقلون إلى أحياء سكنية جديدة وهذا الوضع يخلق أزمات سكنية متكررة، ويجعل سكان المدينة في بحثٍ متواصل عن أحياء ومساكن جديدة وبالتالي تزداد الحاجة لمدّ البنية التحتية، وإنشاء الطرق والتقاطعات لربط امتداد المدينة بما هو قائم. هذه الدورة الحياتية التي تمر بها بعض المدن جعل جسدها يوهن وينهك ويضعف وتظهر عليه معالم الشيخوخة المبكرة ولهذا ينبغي على إدارات المدن أن تعي التحدي وتبدأ بجملة من الإصلاحات والسياسات الحضرية التي تساعدها في أن تبقى المدن فاتنة جميلة فالمدن يفترض أن تزداد قيمتها العمرانية والاقتصادية مع تقدم عمرها الزمني ولا يكون ذلك إلا برفع مستوى جودة الحياة فيها، وتحسين البيئة الحضرية ومعالجة ما تعانيه من سلبيات، والحفاظ على معالمها وتراثها العمراني، والتخطيط المنظم لاتجاهات النمو المستقبلية للمدن، وتهيئتها لاستيعاب المتغيرات التي تطرأ على المدينة ومراعاة مستجدات التنمية والتغيرات الاقتصادية. Your browser does not support the video tag.