ما زلت أرى أن أقوى وأهم ميزة في العهد السعودي الجديد هو التحديث الشامل للأنظمة والقوانين في مختلف المجالات، وأرى أن هذا التحديث أثره أقوى وأدوم؛ لأنه يؤسس لمرحلة جديدة، ومن يتعامل مع قطاع الأعمال والتجارة ويعِشْ في هذه الدائرة سيسمع مثل عبارة (النظام لا يسمح، أو أن الأنظمة قديمة ولا تتناسب مع الوضع الحالي) وهي بيروقراطية أصابت شريان القطاع الخاص بتجلطات في بعض منعطفاته؛ بسبب تباطؤ تغير الأنظمة لتواكب الحاجة الفعلية. تحديث الأنظمة الذي يحدث مؤخرا في أنظمة هيئة سوق المال ووزارة التجارة ووزارة العدل وأنظمة المستثمرين الأجانب، كلها زوايا أساسية لإعادة هيكلة منظومة الاقتصاد. والإنسان ابن بيئته في نهاية المطاف لذلك لا غرابة أن نجد أن الشركات العائلية في السعودية حسب آخر الدراسات تساهم بحوالي 12 % من الناتج المحلي الإجمالي وبما يقارب 40 % للناتج المحلي غير النفطي ويزيد متوسط ثروة الشركات العائلية مجتمعة في السعودية على 220 مليار دولار بمتوسط 6 مليارات دولار للشركة العائلية الواحدة. كل هذه الشركات العائلية هي نتيجة طبيعية للطفرة الاقتصادية التي عاشتها هذه العوائل السعودية مع بدايات اكتشاف النفط في السعودية وبسبب الترابط الاجتماعي الكبير في المجتمع السعودي وطبيعته التي تنظر للكل وليس للفرد نمت هذه الأعمال كمورد يختص وتتشهر به كامل العائلة وليس فردا واحدا منها. ضمان نمو وازدهار هذه الشركات العائلية الآن مع الحاجة المتزايدة لتوليد وظائف جديدة وزيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد السعودي أصبحت ضرورة ليس فقط للشركات السعودية بل للحكومة ممثلة باهتمامها بالاقتصاد وللمجتمع باهتمامه بعدم إغلاق مثل هذه الشركات وبالتالي خسارة عدد كبير من الوظائف. مشكلة الانتقال السلس لإدارات هذه الشركة بعد رحيل الجيل الأول المؤسس لها وغياب معايير الحوكمة الواضحة والتنازع حول تقسيم الميراث وتسييل كامل الأصول عوضا عن الاستمرار بهذه الشراكة عوامل تقتل هذه الشركات بسرعة. تشجيع مثل هذه الشركات الناضجة للطرح في سوق الأسهم على سبيل المثال كأحد الخيارات لضمان استمرار هذه الشركات بسبب القوانين التي تحكمها الهيئة مثل متطلبات معاير الحوكمة وأنظمة التصويت الخاصة بترشيح مجلس الإدارة وقوانين الإفصاح التي تلزمها الهيئة بالإعلان عنها عن أي تطورات جوهرية داخل الشركة فور حدوثها. صحيح مثل هذا الخيار يعني انكشاف البيانات التي تعتبرها هذه العائلة داخلية لشركتهم للعامة إضافة أن نسبة تملكهم ستقل إجمالا بسبب بيعهم لنسبة منها من أجل المكتتبين وهو ما يعني نسبة أقل بالتصويت أيضا إضافة لمشاركة آخرين من خارج العائلة في إدارة الشركة إلا أن الشركة العائلية على الرغم من هذا كله لديها فرصة أكبر لاستمرار نموها ورسم منهجية واضحة لانتقال الإدارة وهو ما ينعدم تماما في بعض الشركات العائلية داخليا. Your browser does not support the video tag.