ما بين متقن لمهنته يمارسها وفق الأنظمة واللوائح، وآخر يحاول تجاوز تلك الأنظمة في منافسة وصفت ب"غير الشريفة"، أثارت مواقع التواصل الاجتماعي بعض الإشكاليات، والتحديات التي تواجه بعض المهن، ومن ضمنها مهنة "المحاماة" التي يشترط في شغلها، وممارستها عدم الترويج، والتسويق، والإعلان للمحامي. وتسلل "البعض" من المحامين عبر مواقع التواصل الاجتماعي ليصل للجمهور، والعملاء عن طريق تلك المواقع، الأمر الذي أسهم في تشكّل طرق حديثه ل"الدعاية" و"الإعلان"، حيث يضع البعض منهم أرقام هواتفه وغيرها، إضافة إلى تقديم استشارات قانونية عبر "تويتر" الأمر الذي أسهم في جذب العملاء إلى البعض من المحامين، في حين يرى البعض أنها ليست وسيلة للدعاية. ويرى البعض أنه يجب على "المحامي" الالتزام بشرف المهنة ووفقاً للأنظمة، واللوائح التي وضعتها الجهات المعنية، حيث إنهم يحملون التصريح من وزارة العدل ومن حقها متابعة تطبيق النظام، لاسيما وأن المحامي لا يجوز له الإعلان، أو تسويق نفسه سواء كان ذلك فيما يتعلق باللوحات التي توضع على مكاتب المحامين، أو الإعلان في الصحف، وغيرها من وسائل التسويق والإعلان. "الرياض" تستعرض المخالفات التي يمارسها "البعض" من المحامين فيما يتعلق بالترويج، والدعاية، والإعلان لنفسه عبر "تويتر"، و"سناب شات"، واستخدامها كمنصة غير نظاميه لجذب العملاء من الراغبين في الترافع عن قضاياهم الأمر الذي اعتبره زملاء المهنة من المحامين منافسة غير شريفة من قبل زملائهم المخالفين، وحاولنا التواصل مع هيئة المحامين للحصول على تعليقها بهذا الشأن دون تجاوب. مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن شكّل تواجد "المحامين" في مواقع التواصل الاجتماعي على اختلاف أنواعها ظاهرة في الأوساط القانونية خلال الفترة الماضية، بدأ الكثير من المختصين في طرح التساؤلات حول ذلك الأمر، حيث إن البعض كيّف البعض ذلك على أنه من وسائل الدعاية والإعلان، والبعض الآخر يعتبره أمراً عادياً وغير إعلاني.. ما بين تلك التوجهات، وتكييفها، حاولنا استطلاع آراء عدد من المزاولين لمهنة المحاماة، إذ اعتبر بعض المحامين أن ظهور الكثير من المحامين عبر مواقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، و"سناب شات" وسيلة دعائية وترويجية، ومنافسة غير شريفة استغلها بعض المحامين والبعض من خريجي القانون الذين لا يحملون رخصة مزاولة المهنة، في حين يرى البعض أن تلك الوسائل لاتعتبر دعاية، وإعلاناً، وأن مستخدميها غير مخالفين. وتحدث أحد المحامين - فضل عدم ذكر اسمه -، أن بعض المحامين يمارسون أخطاء فادحة بالدعاية، والإعلان عن أنفسهم في مواقع التواصل . وأضاف أن الإعلان، والدعاية للمحامي يعد مخالفة لنظام المحاماة، حيث أن هناك مواد في النظام تمنع المحامي من عمل الدعاية، والاعلان بكافة اشكالها، مشيراً إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي تعتبر وسيلة حديثة للدعاية والإعلان، لاسيما إذا تم عمل حملات إعلانية، وترويج صور فيها خدمات قانونية، وأسعارها تحتوي على اسم، وعنوان المحامي، والاستشارات التي يقدمها. وقال:" للأسف هناك محامون مشهورون في وسائل التواصل الاجتماعي ينقصهم كثير من العلم القانوني، حيث إن معرفتهم بسيطة، وكفاءتهم محدودة، وقدرتهم ضئيلة فيما يتعلق بالقانون، وفروعه مما يجعل البعض يعتقد أن هذا المشهور في مواقع التواصل متمكن، وذو كفاءة، وهو ليس واقعاً صحيحاً". وأكد أن فرض نظام المحاماة، وكذلك وزارة العدل على المحامي أن يكون له عنواناً ثابتاً، ومكتباً يمارس من خلاله أعماله القانونية، ويضع لوحة بشروط معينة للتعريف بنفسه، مشيراً بقوله: "ظهر في الفترة الأخيرة بعض المحامين من غير مقر ولا مكتب، ويمارس أعماله من خلال وسائل التواصل ما تسبب في الضرر على أولئك المحامين الملتزمين بالنظام، حيث إنهم يقومون باستئجار المكاتب، ويوظفوا المستشارين، والمتدربين، ويدفعوا الرسوم، ويستخرجوا التراخيص، وغيرها، مما يترتب عليه كثير من المصاريف، والنفقات في الوقت الذي ينعم فيه ذلك المحامي الذي يستخدم مواقع التواصل كمكتب ومقر له في إعطاء الاستشارات دون مصاريف، أو تكلفة كباقي المحامين النظاميين. وأشار إلى أن الرقابة على المحامين ضعيفة على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكداً أن أكبر المتضررين من مواقع التواصل هم أصحاب مكاتب المحاماة الملتزمين بأحكام النظام لأن هناك أشخاصاً غير مؤهلين ومخالفين للنظام سيمنحون الآخرين استشارات مغلوطة. المشاركة في الندوات والدورات أوضح أحمد الصواف- محامي- أن المحامي كمثله من باقي المواطنين يتمتع بحرية التعبير داخل النطاقات المعروفة، وله حق استخدام جميع وسائل التواصل، أو المنصات الإعلامية للإعلان عن نفسه بأنه مؤهل بشكل جيد، وذلك من خلال التعريف عن نفسه بأنه محامي أولاً، درجته العلمية، أو تخصصه الدقيق، ويعبر عن آرائه في هذا التخصص، ومايتعلق به، ويستطيع أن يخبر الجميع بأنه مشارك في ندوة، أو يقدم دورة، أو إنه ألف كتباً متخصصة أو غير متخصصة، وله التعريف بكل ما يدور حول شخصه والإعلان عن نفسه بهذه الطريقة، ويُمنع في حالة كان هذا الإعلان بشكل دعائي، وبتطبيق مفهوم المخالفة على المادة للمحامي أن يعلن عن نفسه بشكل غير دعائي، وكل الأمثلة السابقة هي أمثلة للإعلان بشكل غير دعائي.. مطالباً بتحديد ماهي الأشكال الدعائية التي يمنعها النظام قبل التعجل بتخطئه كل معلن عن نفسه بشكل غير دعائي، مشيراً إلى أنه على كل محامٍ اكتشاف ماهي طريقته الخاصة في جذب عملاء يثقون فيه، وتحديد الفئة المستهدفة. الثقة والأمانة والتخصص وسيلة جذب العملاء كثير من الطرق والأساليب التي تجعل المحامي لا يحتاج إلى الدعاية والإعلان، حيث يتميز بعض المحامين برضا الناس عنهم، وإعجابهم بتعاملهم ومرونتهم، وحسن ثقة القضاة فيهم، وهناك الكثير من الطرق التي يمكن أن يتحلى بها المحامي لكسب الثقة أبرزها ضبط السلوك في العمل، الصدق، الأمانة، والسمعة الطيبة، وقوة صياغة مذكراته، وكفاءة ترافعه، ودفوعاته، وتعامله مع كل قضية بما تستحقه من اهتمام، وتواصله الاحترافي مع العملاء، وتنظيم مكتبه، وتحديد أوقات الزيارة والإجابة على اتصالات العملاء، ووضع خطة عمل واضحة للعمل وشرحها للعميل واتباع منهجية في تطبيقها. ويقول د.محمود المدني- محامٍ ومستشار قانوني -: إن هناك الكثير من الوسائل التي تجذب العملاء لمكاتب المحاماة دون اللجوء إلى وسائل الدعاية والإعلان، والتي تعتبر مخالفة يعاقب عليها المحامي، مشيراً إلى أن هناك عدة طرق لكسب الثقة. وقال: "عند قناعة العملاء بالمحامي، وإعطائه الثقة، فإنه يجلب للمحامي أقاربه، ومعارفه، وأصدقائه"، موضحاً أن أهم وسيلة للدعاية، والإعلان للمحامي هي السمعة الطيبة التي يكتسبها من خلال الصدق، والأمانة، والعدل والإخلاص، والمحافظة على شرف المهنة، وإرجاع الحق إلى أصحابه بعيداً عن المظاهر الخدّاعة، والشكليات الوهمية. ولفت المدني إلى أن التخصص من الأمور المهمة التي تجذب العملاء، وكلما كان مكتب المحامي متخصصاً، كلما زادت ثقة الناس فيه، إضافة إلى أنه ينبغي على المحامي مواصلة العلم في مجال القانون بجميع فروعه لزيادة المعرفة. وأوضح أحمد الصواف - محامي -، أن البعض قد يبرز احترافه بموقع المكتب، وبعدد العاملين فيه، أو تعدد المحامين والمستشارين، أو بالشراكة العالمية مع بعض مكاتب المحاماة الدولية، والآخر بدرجته العلمية، والثالث عن طريق تقديم دورات، أو كتابة المقالات والمداخلات التلفازية، وبعضهم يعتمد على الشهرة، وغير ذلك من الطرق المعروفة وغير الاعتيادية، وكل طريقة من هذه الطرق تجذب نوعاً معيناً من العملاء، وأفضل الطرق لجذب العملاء، بناء الثقة، والسمعة الحسنة وسعة الاطلاع، والمعرفة، والصدق، والأمانة، والتخصص، لأن التوسع في مكاتب المحاماة، والدخول في كل المجالات تحول المحامي المحترف إلى محامٍ عام، وهاوٍ وغير مؤهل لكافة أنواع القضايا. «النيابة العامة» تحقق في تجاوزات المحامين الدعائية شددت وزارة العدل من إجراءاتها لتعزيز الالتزام بالأنظمة والتعليمات المتعلّقة بأعمال المحاماة، إذ أحالت الوزارة قرابة ال 54 محامياً مخالفاً لنظام المحاماة إلى النيابة العامة خلال العام الماضي 1438 ه، وذلك لارتكابهم عدداً من المخالفات. وأكدت وزارة العدل في بيان صحافي لها العام الماضي، أنّ المخالفات التي ارتكبها المحامون تمثّلت في عدم التقيّد بالأنظمة المنصوص عليها في نظام المحاماة، ما تسبب في الإخلال بالجلسة القضائية، إضافةً إلى (وضع عبارات دعائية على اللوحات الخارجية للمكتب، والمطبوعات)، وعدم التزام البعض منهم بما ورد في العقد المبرم بين المحامي والموكِّل، إضافة إلى قيام بعض المحامين بفتح فرعين لمكاتبهم في مدينة واحدة، وتخويل غير المختصّين بالتوقيع على العقود مع الموكِّلين، وتشغيل عمالة غير نظامية ليست على كفالة المحامي. ولفتت إلى أنّ المحامين الذين تمّت إحالتهم إلى النيابة العامة خالفوا الأنظمة المرعية والمتعلّقة بالتقيد بحفظ بيانات العملاء وأرشفتها، وكذلك عدم التقيّد بالواجبات المنصوص عليها في نظام مكافحة غسل الأموال، وعدم تعيين مسؤول التزام، كما رصدت الوزارة على بعض المحامين عدم التزامهم بالضوابط المنصوص عليها في تشغيل المرأة في المكتب". الأشكال الدعائية تحتاج لتفسير علق أحمد الصواف - محامي - على ظاهرة تواجد المحامين في شبكات التواصل بقوله: "ورد في نظام المحاماة ما نصه، ليس للمحامي أن يعلن عن نفسه بشكل دعائي في أي وسيلة إعلانية"، مشيراً إلى أن المنع في هذه المادة هو إعلان المحامي عن نفسه، وقيّد هذا المنع المطلق ب(الشكل الدعائي). وأضاف:" الأشكال الدعائية بما أنها غير معرفة في النظام، أو في لائحته التنفيذية، فسنحتاج في تفسيرها إلى اللجوء إلى التفسير الفقهي على مذهب البحث العلمي، وبالتالي سيكون رأياً غير ملزم قضائياً، والحكم سيعود بعد ذلك إلى تقدير القاضي، وإلى العرف". وتابع: "من رأيي إن الأشكال الدعائية تتضمن على سبيل المثال استعراضاً للخدمات المقدمة تفصيلاً، أو أسعارها، أو عروض أسعار، ومن ذلك أن يكتب المحامي أنه يقدم خدمات كتابة اللوائح بسعر معين، أو على الاستعداد بالتمثيل، والترافع في كافة أنواع القضايا بمبالغ رمزية، ومنها ما يكون بالاحتيال كأن يرسل الاستشارات القانونية خلال رمضان ستكون كذا احتفال بهذه المناسبة، وغير هذه من الوسائل الدعائية، لكن أن يتخذ المحامي منصة إعلامية مرئية، أو مسموعة، أو مقروءة، ليتحدث عن رأيه في قضايا اجتماعية، أو قانونية، أو شخصية، وعرّف عن نفسه بأنه محامٍ، أو بأنه محامي متخصص في مجال معين، فهذا لا يعتبر شكلاً دعائياً معروفاً، وإلا ضيقنا واسع، وتعجلنا بالتخطئة، وما دام أن المحامي يشارك بصفته الشخصية لا بالاعتبارية (اسم المكتب)، وكان في منصته يعبر عن نفسه، فذلك لا يعتبر شكلاً دعائياً. وأردف:" من وجهة نظري أرى أن سبب التداخل في المفاهيم، هو أن اسم المكتب غالباً يحمل اسم المحامي الشخصي، ما يسبب لبساً، وهذا مالا يفسره منطوق النظام أيضاً حيث نص: عن نفسه دون تفريق". د. محمود المدني أحمد الصواف Your browser does not support the video tag.