تنتظر كرة القدم فصلاً جديداً، من فصول الفساد التي طالت جماليتها، وشوهتها بطولاتها، حين تكشف المحققة الأسترالية بونيتا ميرسيادس النقاب عن كتابها الذي سيتم إصداره في مقر البرلمان البريطاني يوم الأربعاء المقبل، فقد تناولت ميرسيادس الكثير من خفايا الفساد، التي ضربت كرة القدم، وعلى وجه التحديد ملف مونديال كأس العالم 2022، وكيف حولت الأموال مسار الاستضافة إلى قطر، من أمام دول تمتلك منشآت وبنى تحتية جاهزة أكثر من جاهزية قطر. صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، نشرت أمس أجزاءً مختارة من الكتاب، كشفت من خلاله الأسترالية ميرسايديس أن قطر استعملت مجموعة "بي ان سبورتس" الرياضية، لتحصل على حق استضافة المونديال وقالت: "بمسمى المجموعة القطرية سابقاً (الجزيرة الرياضية) والتي تغيرت في الأعوام الأخيرة إلى مجموعة (بي ان سبورتس) لقد اتفقت قطر مع جوزيف بلاتر على دفع مبلغ 100 مليون دولار تحت بند مساهمات الإنتاج، إلا أن الأموال سلكت طريقها إلى حساب رئيس اتحاد كرة القدم الدولي، الموقوف حالياً عن ممارسة أي مهنة ترتبط بكرة القدم" . ولم تنتهِ الصفقة التي جرت في ظلام دامس، عند حد النواحي المالية، فقد اشترط بلاتر على قطر أن يتراجع محمد بن همام، عن ترشيح نفسه لرئاسة الاتحاد الدولي عام 2011، ومقابل ذلك يحصل القطريون على استضافة المونديال، وكشفت الاسترالية ميرسيادس عن طرفٍ ثالث في الصفقة وقالت: "جيروم فالكه الأمين العام السابق لاتحاد كرة القدم الدولي، حصل على نسبة 5 % من المبلغ الذي تحصل عليه بلاتر من قطر في سبيل محاولات يائسة قام بها بلاتر، لإثبات أن المبلغ وصل بشكل نظامي، لكن التحقيق الذي أجراه الأميركي مايكل جارسيا أثبت العكس، وأن هذا المبلغ تم دفعه على سبيل الرشوة". وأضافت "ديلي ميل" نقلها عن الكتاب الجديد: "اتصل بلاتر، بالرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، عشية يوم الاقتراع المنتظر وأخبره أن الولاياتالمتحدة الأميركية لن تحصل على استضافة المونديال بعد أن اختار ميشيل بلاتيني التصويت لصالح الدوحة، إضافة إلى 22 عضواً تنفيذياً في الاتحاد الدولي لكرة القدم". وعن هذا التحول المفاجئ، قال بلاتر في الكتاب المنتظر: "بمجرد أن أبلغني بلاتيني بتحويل صوته ومن معه لقطر، علمت أن الأمور حُسمت لهم، لقد اجتمع الرئيس الفرنسي ساركوزي، مع القبرصي ماريوس ليفكاريتيس، ويوهانسون إرزيك، والبلجيكي ميشال دي هوغي، ونجح في تحويل أصواتهم لقطر، وقبل ذلك كان اجتماع خاص عقده ساركوزي مع تميم بن حمد في فرنسا، وتحديداً قبل تسعة أيام من اجتماع أعضاء اللجنة التنفيذية في "الفيفا"، وبعد ذلك اشترت قناة الجزيرة حقوق نقل الدوري الفرنسي، وانتقلت ملكية باريس سان جيرمان إلى الدوحة". وعلى طاولة مطعم شعبي بالقرب من زيوريخ عاصمة سويسرا التقت ميرسيادس ببلاتر وحصلت على الكثير من خبايا المنافسة على استضافة ملف مونديال 2022، ونقلت عنه قوله: "لقد كان ابن همام حريصاً على الفوز برئاسة اتحاد الكرة الدولي، أكثر من حرصه على أن تفوز بلده بتنظيم المونديال، لقد ظل لأعوام يفعل أشياء للآخرين ليكونوا مساعدين له في الوصول إلى كرسي رئاسة الاتحاد الدولي، لذلك كان الجميع يظن أن ابن همام انسحب من سباق الترشح، بسبب تجاوزات أخلاقية، وهذا الأمر ليس صحيحاً، بل انسحب ابن همام استجابة لطلب أميري، بعد أن اتفقتُ مع جاسم بن حمد المسؤول عن ملف الرياضة في قطر، بأن ينسحب ابن همام من المنافسة على كرسي الرئاسة، مقابل بقاء الملف في قطر وعدم تجريدها منه، وحدث ذلك في اجتماعي ثلاثي بيني وجاسم بن حمد ومحمد بن همام، وتم الاتفاق من خلاله على تفاصيل كل شيء". واختتمت صحيفة "ديلي ميل" تقريرها المطول عن الكتاب، بنقل جزء مما ذكرته الاسترالية التي شغلت منصباً رفيعاً في ملف استضافة بلادها لملف مونديال 2018، قولها: "قرار منح كأس العالم لن يكون قائماً على الجدارة، بل على الصفقات التي يمكن أن يتم اتخاذها، واليوم كلي آمل في رؤية هيئة عالمية لمكافحة فساد الرياضة، تنشأ دون أن تنتمي إلى بلد معين، يكون هدفها محاربة الفساد الذي بات متغلغلاً في أعماق كرة القدم، لأن ما حدث كان أمراً غريباً فما الذي فعلته قطر أو قدمته حتى تحصل على استضافة بطولة كبرى بحجم كأس العالم؟". سيبقى هذا السؤال الأكثر غموضاً في عالم المستديرة، فعلى الرغم من مرور أكثر من خمسة أعوام على يوم الاقتراع، إلا أن جميع المنتسبين لعالم كرة القدم، مازالوا يعيدون طرح التساؤل، كيف لدولة لا تمتلك بنية تحتية كبيرة، ولا تشهد ملاعبها مباريات جماهيرية تنافسية ذات مستوى عالٍ، أن تظفر باستضافة بطولة بحجم كأس العالم؟ أمام هذه التساؤلات مازال اتحاد كرة القدم الدولي يغلق آذانه عن الاستماع، أو محاولة النطق بالجواب. بلاتر اشترط أن تزيح قطر ابن همام من طريقه ضوئية من تقرير «ديلي ميل» البريطانية حول الكتاب الجديد Your browser does not support the video tag.