مما لاشك فيه أن الأرقام والإحصاءات الخاصة بالسكان والاقتصاد والقطاعات الخدمية المختلفة تُشَّكل تأثيراً كبيراً ومباشراً على مسيرة التنمية في أي بلدٍ كان، والمملكة اهتمت بالعمل الإحصائي منذ وقتٍ مبكر وتحديداً في عام 1349ه، حيث صدر نظام الإحصاءات العامة بالمرسوم الملكي رقم (23)، وتواصل الدعم للعمل الإحصائي وأنشئت هيئة مستقلة لذلك وفي عام 1437ه، صدر قرار مجلس الوزراء رقم (11) بالموافقة على تنظيم الهيئة العامة للإحصاء الذي تضمن عدة مواد من أهمها: «تُعد الهيئة العامة للإحصاء الجهة التي تتولى الإشراف الفني والتنظيمي لقطاع الإحصاء والمسؤولة عن تكوين منظومة شاملة من قواعد البيانات الإحصائية الوطنية لمختلف المجالات». ولا يخفى على مطلع أن العمل الاحصائي الذي تم ويتم يسير بشكل منظم ومميز، ومن يتصفح الموقع الإلكتروني للهيئة يجد مرجعاً معلوماتياً ثرياً بالمعلومات والمؤشرات الإحصائية على المستوى الوطني إلا أنني ومن خلال هذه الزاوية أود الإشارة إلى جوانب مهمة من خلال الملاحظة العامة، وهي: أولاً: هناك بعض الأرقام والإحصاءات المتباينة والمتفاوتة التي يتم تداولها بين الفينة والأخرى وبعضها مثير للجدل، كمعدَّل تملك المساكن، ومعدل البطالة، ونسب النمو والتضخم وغيرها من المؤشرات السكانية والاقتصادية، ويعود السبب في ذلك التفاوت إما نتيجةً لبعض الاجتهادات من قبل بعض مطلقي تلك الأرقام، أو لعدم توفر بعض المعلومات والأرقام الإحصائية على المستوى المحلي والإقليمي للمدن والمناطق أو عدم توافرها على مستوى القطاعات المختلفة، وقد يعود السبب أيضاً لقيام بعض الأجهزة الحكومية بعمل دراسات استشارية على المستوى المحلي والخروج بأرقام تختلف عن الأرقام الموجودة لدى الهيئة العامة للإحصاء، وهذا الأمر يحتاج إلى تدخل واضح من الهيئة لأن تفاوت الأرقام الإحصائية يؤثر سلباً على مسيرة التنمية. ثانياً: هناك عبارات ومصطلحات تتردد وتؤثر على الجانب الاقتصادي والتنموي كعبارة «انخفاض القدرة الشرائية للمواطن»، وعبارة «انخفاض سوق العقار بنسبة كذا»، وغيرها. وهذه العبارات والمصطلحات يجب أن تستند لمصدر رسمي إما لإثباتها أو نفيها وأرجو أن تُبيِّن الهيئة العامة للإحصاء موقفها من تلك المصطلحات. ثالثاً: آخر مسح سكاني للسكان والمساكن تم إجراؤه بالمملكة كان في عام 1431ه (2010م)، وقد تبنت الهيئة منهجية عمل في توحيد الفترة الزمنية للتعداد لتكون عشرية وتوافق السنوات الصفرية، إلا أنه من خلال المستجدات والمتغيرات التنموية في المملكة ويأتي في مقدمتها رؤية المملكة الطموحة 2030، وبرنامج التحول الوطني 2020، قد يكون من الأهمية بمكان التعجيل في إجراء مسح للسكان والمساكن بحيث يشتمل على مؤشرات اقتصادية واجتماعية تقوم على أرقام فعلية لا تقديرية حيث أن نتائج الأرقام الإحصائية الفعلية ذات تأثير مهم في خارطة متخذي القرار في مشاريع وبرامج التنمية المستدامة. Your browser does not support the video tag.