في السياسة كما في الإدارة هناك ما يعرف بفن الممكن، والذي يعني باختصار النجاح في أداء ما يُناط بك من مهام بما يتوفر من إمكانات - مادية أو بشرية - لا بما كان من المفترض أن يتوفر من إمكانات للقيام بهذه المهام، وبعيداً عن الأيديولوجيات التي فسرت فن الممكن وشكلت سياسات معتنقيها فإن نجاح هذا المفهوم في السياسة يقابله تقييد لحركة التفكير بالبحث عن آليات جديدة تمكن من توفير إمكانات أقوى لتحقيق نتائج أفضل. هذه هي الحالة التي تنطبق على العديد من الدول والتي ارتضت البقاء في قائمة الدول النامية مكتفية بإيجابية المصطلح من الناحية الشكلية - على أقل تقدير- بعيداً عن إشغال نفسها بتحليل المؤشرات التي بُني عليها هذا التصنيف المختلف أساساً عليه ناهيك عن السعي إلى ما هو أفضل منه. عالمنا العربي وبكل ما يمتلكه من قوى بشرية وإمكانات مادية وثروات طبيعية وموقع جغرافي يتوسط خارطة العالم ليس مختلفاً عن بقية أعضاء نادي الدول النامية في الاكتفاء بالنظر إلى ما يمتلكه من قدرات ومقدرات والتغني بها دون البحث عن طرق توظيفها للخروج إلى آفاق أرحب تحلق فيها دول ما يعرف بالعالم المتقدم. ما يدعو للقلق وهي الصفة الملازمة للعرب خبر صغير تم تداوله على استحياء في وسائل الإعلام عن نية الجامعة العربية عقد مؤتمر إعلامي للترويج لإنجازات وأنشطة وبرامج مؤسسات العمل العربي المشترك خلال الفترة 21 - 23 من الشهر الجاري في القاهرة، ووضعت توعية المواطن العربي بأهمية العمل المشترك على رأس أجندتها. فأي ورشة وأي عمل وأي مشتركات تمكن العرب من التعايش مع أزماتهم قبل التفكير في تجاوزها، فمنذ تأسيس جامعتهم والشعارات التي لم تتغير ولم تتحول إلى مشروعات حقيقية مع وعيهم التام بأهميتها! وهل في خضم أزمة القدس وعواصف سورية واليمن وتربص أعداء الخارج وخفافيش الداخل بالعرب وكياناتهم السياسية يمكن الحديث عن توعية بأهمية أو أخطار؟! لطالما كانت أحلام العرب كثيرة تتجاوز سعة خيالهم الذي جعل من صوت المتوفي دماغياً مسموعاً في أروقة جامعتهم ليرد على كل صوت ينادي بنزع أجهزة إنعاشه بأن هناك عملاً عربياً مشتركاً ينقصه فقط وعي المواطن العربي المغلوب على أمره به. Your browser does not support the video tag.