عندما كنت أتصفح وسائل التواصل الاجتماعي قبل عدة أيام، لفت نظري مقطع فيديو للدكتور غازي القصيبي "رحمه الله" لأحد لقاءاته مع رجال الأعمال، والتي تحدث فيها عن الشباب السعودي. حيث أكد على ضرورة الثقة بالله ثم الوطن وشبابنا وشاباتنا، فنحن أحفاد من نشروا الحضارة حول العالم منذ آلاف السنين، ومع العلم أنها ليست المرة الأولى التي أشاهد فيها هذا الفيديو، إلا أنه في كل مرة أجد نفسي وكأني لأول مرة أشاهده وتكاد عيني تدمع مما يقول، وهو ما يعطيني حماساً وأملاً كبيراً في المستقبل. تلك العبارات التي قالها هذا الرجل -رحمه الله- هي الحقيقة بعينها وهي عبارات لا تصدر إلا من قائد ذي حكمة وحنكة عالية وبعد نظر وإداري مخضرم، فهو يعلم مدى أهمية جيل الشباب في بناء الحاضر والمستقبل، ولعله تبادر إلى ذهني ومخيلتي أنه لو كان أي شاب أمام أحد المسؤولين اليوم لما وجد تلك العبارات المحفزة والدافعة لبذل المزيد والعمل لخدمة هذا الوطن المعطاء، وقد يصل الأمر بأن يقول له أنت "مبزوط" وغير منضبط!! فهذا هو الانطباع الغالب للأسف الشديد مهما كانت المؤهلات أو الكفاءة أو الخبرة السابقة. وفي المقابل، تبادر إلى ذهني كمثال أحد أصحاب المعالي الحاليين، الذي استطاع أن يصنع من خلال مدرسته الإدارية المتميزة مسؤولين وقياديين حقيقيين من جيل الشباب، قادرين على المساهمة في تنمية هذا الوطن وتحقيق رؤيته. إن الأمانة والتحديات أمام المسؤولين اليوم كبيرة، فهم مسؤولون أمام الله عز وجل ثم ولاة الأمر -حفظهم الله-، وهم محاسبون عن أي تقصير أو تفريط أو إهمال أو هدر. وليس من مهام المسؤولين -مهما صغرت مهامهم- إنجاز العمل بجد وتحمل الأمانة التي على عاتقه فقط، بل من الضروري خلق واختيار وتأهيل مسؤولين من الأجيال الجديدة تكون قادرة على القيادة الفاعلة لما فيه مصلحة وطننا، وعلى أن يكون هذا الاختيار بموضوعية بحتة. ومن أجل القيام بذلك فإنه لابد أن تخضع تلك الاختيارات لتأنٍ ودقة عالية، فلابد أن تكون البداية من خلال التأكد من مطابقة أو تشابه التأهيل العلمي والأكاديمي الصحيح والتخصص الذي يخدم المكان المراد تأهيل تلك القيادة الشابة لها، فهناك هدر كبير جداً لطاقات الشباب والكفاءات ذات التأهيل الأكاديمي العالي بسبب عدم وضعها في المكان المناسب واستغلال طاقاتها لصالح الوطن، مما يضيع الفرص الكبيرة لتلك الجهات من الاستفادة منها، وهو ما قد يؤدي لاحقاً إلى هدر مالي أيضاً لأسباب عدة وليس مجرد هدر بشري للكفاءات. بالإضافة إلى ذلك، فمن الضروري أيضاً أن يتم النظر بعين الاعتبار إلى الخبرات السابقة ذات العلاقة، والتي تخدم المكان المراد تأهيل هذه القيادة الشابة الجديدة لها، وتأتي لاحقاً الأهمية الكبرى في أن يكون للشخص الصفات القيادية والإدارية المتميزة والقدرة على البحث والابتكار وتبني الأفكار الجديدة، بعد ذلك، لابد من أن يتم تأهيله علمياً وعملياً على أساليب الإدارة المختلفة وصقله بالكيفية التي تكون عليها الإدارة الصحيحة لتحقيق الأهداف المرجوة. Your browser does not support the video tag.