في سياق التعليق على نتائج القمة التي عقدت يوم الثالث عشر من الشهر الجاري في الضاحية الباريسية لدعم التصدي للإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي، ثمنت وسائل الإعلام الفرنسية مساهمة المملكة في مشروع إنشاء قوة مشتركة لمجموعة «جي 5» للمشاركة في محاربة التنظيمات الإرهابية في المنطقة. وتتكون هذه المجموعة من موريتانيا والتشاد ومالي والنيجر وبوركينا فاسو. وقد تعهدت المملكة بالمساهمة بمبلغ مالي قدره مئة مليون دولار لتمويل أنشطة هذه القوة. وقال وزير خارجية المملكة عادل الجبير الذي شارك في أعمال هذه القمة في حديثين خص بهما صحيفة «لوموند» وقناة «فرانس 24» الفرنسيتين: إن التزام المملكة بالتصدي للإرهاب في منطقة الساحل يتجاوز بكثير هذا المبلغ المالي، كما تطرق إلى مواقف المملكة من ملفات عديدة أخرى منها ملف القدس بعد قرار الرئيس الأميركي اعتمادها سفارة للولايات المتحدة الأميركية بدل تل ابيب وملف الأزمة اليمينة وملف العلاقات مع لبنانوإيران وملف الحملة على الفساد في المملكة. فبشأن المساهمة في التصدي للإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي، ذكر عادل الجبير لقناة «فرانس 24» التلفزيونية أن المملكة ستتولى رعاية اجتماع جديد لتنسيق الجهود المتعددة الأطراف والرامية إلى تشكيل قوة جديدة مشتركة بين دول مجموعة «جي 5». وقال بشأن الموضوع ذاته في حديثه لصحيفة «لوموند» إن المملكة تقدم مساعدة ثنائية في المجالين التنموي والعسكري لكل بلدان الساحل، مضيفا إن التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب قد استجاب لمطالب الدول الخمس التي تنتمي إليه في مجال المساعدات العسكرية واللوجستية الرامية إلى التصدي للإرهاب بشكل أفضل في المنطقة. وقال عادل الجبير إن المملكة مستعدة لتقديم المساعدات الإنسانية للاجئين والمبعدين في منطقة الساحل عبر خدمات مركز الملك سلمان. وفي ما يخص ملف القدس، ذكّر وزير الخارجية في حديثه لقناة «فرانس 24» بأن القيادة السعودية كانت قد حذرت الرئيس الأميركي دونالد ترمب من مغبة قراره الأخير قبل الإعلان عنه واعتبرته خطأ لأنه قرار أحادي الجانب ولا يستند إلى الشرعية الدولية. وأعرب عن أمله في تراجع الولاياتالمتحدة الأميركية عن قرارها وأن تواصل العملية السلمية باتجاه قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدسالشرقية طبقا لما يرغب فيه الفلسطينيون وما أعربت عنه مؤخرا الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي. ونفى عادل الجبير لصحيفة «لوموند» نفيا قاطعا ما أشيع عن احتمال تطبيع العلاقات بين المملكة وإسرائيل. وقال إنه بإمكان الإسرائيليين إقامة علاقات دبلوماسية وتجارية مع العالمين العربي والإسلامي بعد التوصل إلى اتفاق سلام يضمن للفلسطينيين حقوقهم في إطار الشرعية الدولية وطبقا لما تنص عليه مبادرة السلام العربية. وفيما يتعلق بالأزمة اليمينة، شدد وزير الخارجية على تمسك بلاده بمبادرة الأممالمتحدة لإنهاء النزاع. وحمل الحوثيين مسؤولية تفاقم الأزمة وقال إنهم لم ينفذوا أي اتفاق بين الاتفاقات التي أبرمت بين أطراف الأزمة والتي تجاوز عددها السبعين. وقال لقناة «فرانس 24» إن الحوثيين هم الذين يحاصرون المدن والقرى اليمينة ويحولون دون وصول المساعدات الإنسانية إليها ويسرقون ما يصل منها، وهم الذين أطلقوا داخل اليمن أكثر من مئتي صاروخ بالستي كما أطلقوا باتجاه المملكة 80 صاروخا من هذه الصواريخ. وألح عادل الجبير في حديثه إلى صحيفة «لوموند» على دحض ما يروج له الحوثيون من أن المملكة تمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى اليمن مضيفا أن المملكة ظلت ولا تزال في مقدمة الدول التي تقدم مساعدات إنسانية وقال في هذا الشأن: «انفقنا ثمانية مليارات من الدولارات في ثلاث سنوات لاسيما في ما يخص التصدي لوباء الكوليرا واستقبلنا مليون لاجئ». وحول لبنان، قال عادل الجبير لقناة «فرانس 24» إن المملكة ظلت دوما حريصة على استقلال هذا البلد واستقراره وازدهاره لعدة اعتبارات من أهمها أنه يُعَدُّ «مَثلا « بالنسبة إلى العالم العربي في مجال التعايش بين الديانات والطوائف وحفظ حقوق الأقليات. ودعا في حديثه لصحيفة «لوموند» لتضافر الجهود العالمية التي تساعد على « نزع سلاح حزب الله وتحويله إلى حزب سياسي لفائدة استقرار لبنان». أما بخصوص إيران، فإن عادل الجبير ألح بشكل خاص في حديثه لصحيفة «لوموند» على تعزيز العقوبات المفروضة على هذا البلد للامتثال إلى قرارات الأممالمتحدة بشأن صواريخه البالستية. وبشأن الحملة على الفساد داخل المملكة، قال وزير الخارجية: إنها تعود إلى رغبة القيادة السعودية في تنويع مصادر الاقتصاد وخفض نفقات الدولة و «خلق آفاق للاستثمار وثقافة الابتكار»، مضيفا: إن هذا الأمر لا يتأتى إلا إذا كانت الحكومة «مسؤولة وشفافة وفاعلة». وأشار الجبير إلى أن المدعي العام تمكن في إطار التحقيقات الجارية في ملف الفساد من تحديد مبلغ مالي يزيد على مئة مليار دولار سرقت من أموال الشعب. وخلص إلى القول إن المبادرات الأخيرة التي كان وراءها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد لجعل المملكة تجسد الإسلام المعتدل ولمساعدة المواطنين على الانفتاح على العالم تلقى إقبالا شعبيا كبيرا. ومن أهم القرارات المندرجة في مبادرات الإصلاح السماح للمرأة بقيادة السيارة وإعادة الاعتبار إلى الترفيه وإعادة فتح دور السنيما.