مما لا شك فيه أن اليمن يتميز بموقع جغرافي فريد ذي أهمية إستراتيجية بالغة، فهو يطل على كل من البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب بسواحل يبلغ طولها أكثر من 2500 كلم، وتعد سواحله من أهم السواحل في المنطقة العربية؛ لأنه يستطيع التحكم بمضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن وبحر العرب والمحيط الهندي، وبالتالي يتحكم بالتجارة بين الشرق والغرب، بالإضافة إلى أنه يمتلك أكثر من عشرة موانئ، وعدداً من الجزر المهمة مثل جزر سوقطرة وحنيش الصغرى والكبرى وكمران وعشرات الجزر الأخرى، ناهيك عن جزيرة ميون التي تقع في وسط مضيق باب المندب وتتحكم به؛ لهذا سعت وتسعى دول عديدة لبسط نفوذها على اليمن ومن ثم المضيق وتلك الجزر وفي مقدمتها إيران. ومما يكسب اليمن أهمية أكبر أن هناك تداخلاً وثيقاً بين مضيق هرمز ومضيق باب المندب وقناة السويس فهذه المضايق أو الممرات الثلاث تعتبر المعابر الرئيسية ل 30 % من ناقلات البترول بين الخليج العربي وأوروبا وأميركا، بالإضافة إلى أن جل التجارة بين أوروبا وأستراليا وشرق وجنوب شرق آسيا تمر عبر مضيق باب المندب؛ لذلك فإن من يتحكم بتلك المضايق الثلاثة يستطيع أن يتحكم أمنياً واقتصادياً بدول الجزيرة العربية والخليج العربي والدول المطلة على البحر الأحمر. ومن هذا المنطلق نجد إيران تهدد بين وقت وآخر بإغلاق مضيق هرمز، وتسعى من خلال دعم الحوثيين إلى السيطرة على باب المندب واستهداف مصر من خلال دعم الإرهاب في سيناء من أجل التأثير على مكانة قناة السويس، ولا شك أن عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط يؤثر سلباً على تلك الممرات، وبالتالي يجعل دول العالم تبحث عن ممرات آمنة بديلة لتجارتها، وخير مثال على ذلك قيام الصين بإنشاء طريق الحرير الذي يربط الصين بأوروبا برياً بواسطة القطارات. من هذه المنطلقات وجب على جميع دول المنطقة بما في ذلك دول الخليج والعراق والدول العربية المطلة على البحر الأحمر أن تعمل على الحيلولة دون سقوط تلك الممرات تحت السيطرة الإيرانية أو الأجنبية الأخرى، وهذا لا يتأتى إلا من خلال الحيلولة دون انهيار اليمن الموحد، ومنع الحوثيين أذناب إيران من السيطرة عليه. إن الحقيقة التي يجب أن يفهمها اليمنيون والعرب بصورة خاصة وبقية دول العالم بصورة عامة هي أن اليمن بإمكانياته البحرية والبرية وبثرواته البشرية يجب أن يظل موحداً تحت قيادته الشرعية وتعاون طوائفه وقبائله وقياداته المخلصة بعيداً عن الأدلجة والسيطرة الفارسية التي لن تزيده إلا مرضاً وفقراً وجهلاً واقتتالاً، وبالتالي تخلف لا تحمد عقباه.