الأسرة هي حجر الزاوية بالنسبة لأفرادها سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً فهي تتولى التربية والتنشئة الاجتماعية خاصة الأم لقربها بحنانها وعطفها وشغفها بأفرادها، ولو أن الأب يتحمل جزءًا كبيراً من هذه التربية فالأولاد في سن الطفولة المبكرة التي تبدأ كما يقول (علماء النفس والتربية): منذ الولادة حتى سن السادسة فهم في هذه المرحلة (المرحلة الغضة) (كالإسفنجة) يمتصون ما يسمعون وما يقال في هذا الوسط الأسري، فإذا خضعوا لتربية وتنشئة إسلامية صحيحة كان سلوكهم وممارساتهم صحيحة في تعاملهم مع هذه الأسرة. ثم ينتقلون بعد ذلك إلى المجتمع الثاني الوسط المدرسي الذي يعج بكل الثقافات والعادات والتقاليد والذي من المفترض أن يكون هذا الوسط وسطاً تربوياً قبل أن يكون تعليمياً يعالج ما يحصل من سلوك مضاد للمدرسة سواء كان ضد الطلاب بعضهم البعض أو ضد الهيئة التعليمية المدرسية ويصبح الكل متكيفاً تربوياً وتعليمياً وقد ينتقل هذا التكيف إلى الأسرة بحيث أصبح هناك ضبط اجتماعي من قبل الأسرة، لكن في السنوات الأخيرة وبعد دخول العولمة ومن ثم الأطباق السماوية التي تبث آلاف القنوات الفضائية تلا ذلك الشبكة العنكبوتية، إضافة إلى دخول ثقافات ولغات أجنبية عن طريق العمالة وتوسع المدن وكثرة السكان تخلخل واهتز الضبط الاجتماعي من قبل الأسرة، فأصبحت السلبية تطغى على الإيجابية في هذا الضبط وأصبح البعض يعيش عالمه بنفسه مع وسائل التواصل الاجتماعي (أطفالاً، شباباً، رجالاً، شيوخا ونساء) فأصبح الجميع متعلقين ومنشغلين بهذه الوسائل، وأصبح ينقلهم ويطلعهم على جميع المواقف التي تحدث داخل المملكة وخارجها. فلنأخذ الرجل كمثال فهو يذهب إلى عمله الحكومي أو الخاص ويعود إلى منزله ويتناول غداءه ويسلم نفسه للنوم ومن ثم يستعد البعض لبدء سهرة (الاستراحات) إلى منتصف الليل لا يعرف ماذا حصل لأبنائه من متابعة دراسية أو متابعة سلوكية، وما ينطبق على الرجل ينطبق على بعض الأمهات حيث تعتمد على الخادمة من نظافة وطبخ وإطعام الأطفال وتربيتهم، والأولاد (كأن على رؤوسهم الطير) تتحدث مع أحدهم أو تناديه فلا يرد عليك، حياته هذا الجهاز الذي أمامه.. ونتج عن ذلك التسيب من بعض أفراد الأسرة وانحرافهم، فالضبط الاجتماعي من قبل الأسرة مهم جداً فهو بمثابة (الترمومتر) الذي يقيس السلوك سلباً أو إيجاباً.