قال وزير خارجية المملكة عادل الجبير، إنه سبق وأن حذرت حكومة بلادي بأن أي إعلان أميركي بشأن القدس يسبق الوصول لتسوية نهائية سيضر بمفاوضات السلام ويجعلها أكثر تعقيدًا، كما أن من شأن ذلك تقويض كل الجهود المبذولة في هذا الصدد، وتشكل استفزازًا لمشاعر المسلمين حول العالم. وأضاف - خلال الاجتماع الطارىء لمجلس وزراء الخارجية العرب الذي عقد السبت بمقر الجامعة العربية في القاهرة - أن حكومة بلادي التي تستنكر هذه الخطوة ترى أنها تشكل انحيازًا في الموقف الأميركي كما أنها تعتبر انتهاكاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة التي تؤكد على أن القدسالشرقية جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينيةالمحتلة منذ عام 1967 وتعتبر كل الإجراءات والانتهاكات الإسرائيلية التي تستهدف مدينة القدسالشرقية ومقدساتها وهويتها وتركيبتها الديموغرافية لاغية وباطلة، ومن هذا المنطلق فإن المملكة العربية السعودية تنوه بالإجماع الدولي الرافض لهذا القرار. وتابع: موقف بلادي الثابت من القضية الفلسطينية يضعها في أولويات سياستها الخارجية منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وتوليها اهتمامًا خاصاً باعتبارها قضية العرب والمسلمين الأولى، وتقدمت بلادي بمبادرة سلام تبنتها قمة بيروت في 2002، كما حظيت بموافقة العالم الإسلامي في قمته الاستثنائية عام 2005 في مكةالمكرمة، حيث وضعت مبادرة السلام العربية خارطة الطريق للحل النهائي لجميع قضايا النزاع في إطار حل الدولتين، وصولاً إلى إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدسالشرقية، اتفاقا مع قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وعليه فإن حكومة بلادي تدعو من هذا المنبر الإدارة الأميركية للتراجع عن قرارها وأن تنحاز للإرادة الدولية في تمكين الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه المشروعة، أخذًا في الاعتبار أن هذه الخطوة لن تغير أو تمس الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني في القدس وغيرها من الأراضي المحتلة، كما أنها لن تتمكن من فرض واقع جديد على الأرض، إلا أنها تمثل تراجعاً كبيرًا في جهود الدفع بعملية السلام وإخلالاً بالمواقف الأميركية. وتابع الجبير: ندعو المجتمع الدولي بتكثيف جهوده في الدفع بالعملية السلمية لوضع حد لهذا النزاع التاريخي في إطار الحل الدائم والعادل والشامل والمستند على قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية لتمكين الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه المشروعة في دولة مستقلة عاصمتها القدسالشرقية وإرساء السلام والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم بأسره". من جانبه، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، إنه يتوجب علينا أن نقف دفاعاً، ليس فقط عن الحق الفلسطيني المهدر منذ عقود، بل عن حقوق الملايين الذين تتعلق أفئدتهم بالمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف. وأضاف: دعوني أخاطب ضمير المجتمع الدولي الذي أضاع العقد وراء الآخر وهو يشاهد الحقوق الفلسطينية الموثقة بموجب قرارات الشرعية الدولية تذهب أدراج الرياح، مع غياب أفق حقيقي للعملية السلمية لاستعادة حقوق شعب يبتلعها الاستيطان الاسرائيلي عاماً بعد الآخر، ويقف المجتمع الدولي عاجزاً عن إنفاذ الشرعية الدولية في قضية عمرها جاوز السبعة عقود، وهي عمر الأممالمتحدة ذاتها. وتابع: لعل التحول المؤسف الذي تابعناه في موقف الولاياتالمتحدةالأمريكية بالنسبة لمدينة القدس بعد اعترافها بشكلٍ أُحادي ومنافٍ للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن بالقدس كعاصمة لدولة إسرائيل، جرس إنذار أخير للمجتمع الدولي بأسره وللعرب والمسلمين، فالوضع الملتهب في فلسطين يضع المنطقة بأسرها على حافة الانفجار، وهى أبعد ما تكون عن الحاجة للمزيد من المخاطر والاضطرابات، وإن غضب الشعب الفلسطيني الذي تفجر أكبر دليل على تلك المخاطر. ولا يخفى علينا جميعاً الخطر الكامن في محاولة استغلال الإرهابيين والمتطرفين للتطورات الراهنة، لتبرير جرائمهم واستقطاب التأييد لمنهج الشر الذي يطلقونه على أرضية محاولة احتضان تفجر هذه القضية، وأن تدفع المنطقة بل والعالم بأسره تبعات مثل ذلك القرار. وأكد أنه من هذا المنطلق لم تأل مصر جهداً للحيلولة دون صدور ذلك القرار فقد تواصل الرئيس عبدالفتاح السيسي مع نظيره الأميركي لإيضاح التداعيات شديدة الخطورة لذلك القرار ومغبته، لكن ذلك المسعى لم يلق تجاوباً. وأكد وزير الخارجية المصري إن مصر تستنكر مجددًا ذلك القرار الأميركي الأحادي المخالف للشرعية الدولية وترفض الاعتراف جملة وتفصيلاً بأية آثار قانونية مترتبة عليه. وأشار وزير الخارجية المصري إلى أن ارتكان إسرائيل إلى استخدام القوة لفرض الأمر الواقع بهدف تغيير الحقائق على الأرض في القدس يُعد من الإجراءات الأحادية المتعارضة مع القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، كما يتعارض مع قرارات مجلس الأمن التي لم تعترف بأية إجراءات تتعلق بضم إسرائيل لأراضي الغير بالقوة العسكرية. وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي إن نقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس قضية مهمة جدًا ليس فقط لفلسطين وإنما للأمتين العربية والإسلامية وللعالم أجمع، وقد شاهدنا ردة فعل المجتمع الدولي خلال اجتماع مجلس الأمن، حيث عارضت جميع دول العالم -خاصة الدول الأعضاء في مجلس الأمن- قرار الرئيس ترمب الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، مما يؤكد أن الموقف الأميركي يتعارض مع الرأي الدولي والقانون الدولي والشرعية الدولية ومع الالتزامات الأمريكية وفق ما تم التوقيع عليه بخصوص القضية الفلسطينية. وأضاف أن دولة فلسطين ترفض هذا القرار جملة وتفصيلاً ولن تتعامل معه كونه غير موجود، وترى أنه غير شرعي وغير قانوني وهو باطل قانونياً وسياسياً ويعكس انسلاخ وتراجع الولاياتالمتحدة الأميركية عن منظومة القانون الدولي، إلا أنه لن يغير ثوابت القانون الدولي في شكله، ولن يغير من الحقيقة القانونية أن القدس جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينيةالمحتلة، وليس لهذا الإعلان أي توابع على المكانة القانونية لمدينة القدس أو لحقوق الشعب الفلسطيني المكفولة في القانون الدولي. وأكد المالكي أن قرار ترمب يجرد الولاياتالمتحدة الأميركية من أهليتها للعب دور الوسيط في عملية السلام، بما فيه دورها في الرباعية، وهذا يظهر مدى تحيز الولاياتالمتحدة الأميركية وعدوانها تجاه حقوق الشعب الفلسطيني والقانون الدولي. من جانبه، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن القرار الذي اتخذته الإدارة الأمريكية بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة الولاياتالمتحدة إليها، هو قرارٌ مُستنكر ومرفوض ولا يُمكن تبريره تحت أي ذريعة، أو بأي منطق وهو قرار خطير في تبعاته، سيء في مضمونه وشكله، ومُجحفٌ بالحقوق العربية، ومخالفٌ للقانون الدولي وللقرارات الأممية ويُدين الدولة التي اتخذته، والإدارة التي مررته، ويضع علامة استفهام حول دورها ومدى التزامها بتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة، بل في العالم بأسره. وأضاف: القدس محمية بمبادئ ثابتة في ميثاق الأممالمتحدة الذي لا يُجيز الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة أو الاحتلال للأراضي التي تقع تحت سيطرتها. والقدس في نظر القانون الدولي هي أرضٌ محتلة لا سيادة لدولة الاحتلال عليها، واعتراف الولاياتالمتحدة بهذه السيادة ونقلها لسفارتها إلى المدينة لا يُغير من هذه الحقيقة شيئاً، ولا ينشئ أي أثر قانوني في تغيير وضع القدس كأرض محتلة.